فالنهج الحاكم كان لا يرتضي وجود هكذا تلميحات في القرآن الكريم والسُّنّة المطهّرة إلى أهل البيت عليهمالسلام ، وقد صرّح ابن الزبير بأنّه قطع الصلاةَ على النبيّ صلىاللهعليهوآله في أربعين جمعة معللاً ذلك بقوله : لا يمنعني أن أُصلّي عليه إلّا أن تشمخ رجال بآنافها ! ويعني بكلامه أهلَ بيت رسول الله (١) حسب دعواه .
بلى ، إنّهم ادّعوا أنّ الحيعلة الثالثة قد نُسخت من الأذان مع إقرارهم بثبوتها ، ولم يأتوا بدليل على قولهم إلّا ما حكوه عن بلال والذي أجبنا عليه وفنّدنا ادّعاءهم ذلك (٢) .
فالحيعلة الثالثة هي كانت على عهد رسول الله ثمّ من بعده ، وهي شرعية ، حسبما وضّحناه سابقاً ، وفي المقابل نجد أنّ التثويب مشكوك فيه عندهم حسبما ستقف عليه في هذه الدراسة ، والتشكيك جاء على لسان ابن رشد المالكي ، وهل أنّه شُرّع من قِبل رسول الله أو من قِبل عمر بن الخطاب ؟!
وهل أنّ مكانه هو في فصول الأذان أم بعده قبل الإقامة ؟ وهل أنّه في أذان الفجر أم في أذان الليل قبل الفجر لإيقاظ النائمين ؟ وهل أنّه يشمل أذان الفجر وأذان غيره من الأوقات ، أم يختصّ بالصبح فقط ؟
مع تأكيدنا على أنّ أمر التثويب يختلف عن أمر الشهادة الثالثة ، فعمر بن الخطّاب حينما أمر المؤذّن أن يضع « الصلاة خير من النوم » في الأذان (٣) كان يعني بعمله
______________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٧٩ ، شرح نهج البلاغة ٤ : ٦٢ .
(٢) في كتابنا « حي على خير العمل الشرعية والشعارية » .
(٣) الموطّأ لمالك : ٧٢ / ح ١٥٤ .