مؤكّدين فيه بأنّ في الأذان ارتباطاً واضحاً بين الشهادات الثلاث والحيعلات الثلاث .
فالشهادتان الأُولَيان صريحتان واضحتان لا غبار عليهما ، أمّا الشهادة الثالثة فهي ليست بصريحة وتأتي كنائية من خلال جملة « حيّ على خير العمل » .
إذن النهج الحاكم كان على تصادم مع أهل البيت ، فلا يعجبهم وجود التلميح إلى الولاية من خلال الحيعلة ، إذ إنّ التلميح موجود في القرآن وهو من أنواع البديع :
« ومنه قوله تعالى : ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) قال جار الله الزمخشري : قوله : ( وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) فيه دلالة على تفضيل محمّد صلىاللهعليهوآله وهو خاتم الأنبياء ، وأنّ أُمّته خير الأُمم ، لأنّ ذلك مكتوب في الزبور ، قال تعالى : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال : وهو محمّد صلىاللهعليهوآله وأُمّته » (١) .
فهنا قد يكون الله سبحانه وتعالى قد ألمح لعباده بأنّ الصلاة له لا لغيره ، وأنّ الفلاح الذي قامت به الصلاة هو اتّباع رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآله ، لا الاجتهاد مقابل النصّ ، وأنّ خير العمل هو الإيمان بالإمامة والولاية لعلي عليهالسلام التي هي امتداد للنبوّة والتوحيد ، وبها قِوام العبادات التي عمودها الصلاة .
______________________
(١) أنوار الربيع ٤ : ٢٦٦ . ومن هذا الباب تلميح أبي العلاء المعرّي للشريف المرتضى بقصيدة المتنبي : لكِ يا منازلُ في القلوب منازلُ . انظر : أنوار الربيع ٤ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ . هذا وقد أخذ الطيبي والزمخشري هذا عن تفسير النسفي ٢ : ٢٩٠ ـ سورة الإسراء . وانظر : كتابنا حيّ على خير العمل « دعوة إلى الولاية وبيان لأسباب حذفها » .