بالرغم من اعتقادهم بأنّ الملائكة بناتُ الله وهذه الأصنام تماثيل تلك الملائكة ، لذلك واجههم القرآن الكريم بمنطقهم وهو كيف تقولون : أنّ لله بنات في الوقت الذي تكرهونهن فيه؟
وقد استنكر القرآن وذم تلك الأفكار الخرافية المنحطة بقوله تعالى : (وَجَعَلُوا المَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحَمنِ انَاثاً اشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ). (الزخرف / ١٩)
وقد حارب الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله هذه العقائد الضالة الناشئة من التصورات الخاطئة وهوى النفس كما ورد في ذيل الآية الكريمة بعد أن أشارت إلى الأصنام الثلاثة الكبيرة المعروفة بقوله تعالى : (انْ هِىَ إِلَّا اسمَاءٌ سَمَّيْتُمُوَها انتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَّا انزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلطَانٍ انْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهوَى الأنْفُسُ). (النجم / ٢٣)
صحيح أنّ المشركين قد تشبثوا بدليلٍ واهٍ ليبرّروا به عبادتهم للأصنام حيث قالوا : إنّ ذاتَ الله أسمى من أن يصلَ إليها العقل والفكر الإنساني وهو منزه عن أن نعبده بصورة مباشرة ، وعلى هذا الأساس فالذين وكّل إليهم أمر خلقهِ وتدبيرهِ هم الواسطةُ إليه وهؤلاء هم الملائكة والجن وكل الموجودات المقدسة فهؤلاء اربابٌ نعبدهم وهم الذين يقربوننا إلى الله (مَانَعبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلفَى). (الزمر / ٣)
وعلى هذا فإنّ أيدينا لا تصل إلى هذه المقدسات فنصنع لها تمثالاً ثم نَعبدُها! وهذه التماثيل هي أصنامهم وفي تصورهم أن هناك وحدة واتحاداً بين هذه الأصنام والوجودات المقدسة فهم يخاطبونها بالآلهة والأرباب.
وهم بهذه الخرافات الواهية ابتعدوا عن الله سبحانه وتعالى وهو أقرب إلى الإنسان من نفسه ، وبدلاً من أن يتوجهوا إلى الله الذي هو منبع الفيض والقدرة البصير الموجود في كل مكان لجأوا إلى مخلوقات ممكنة لا حول ولا قوة ولا شعور لها بل إنّها مخلوقة بايدي عبّادها ومع ذلك فقد أجلسوا تلك المخلوقات التي لا قيمة لها على عرش الربوية والالوهية ناسين عظمة الذات الإلهيّة اللامتناهية ولاهثين وراء سراب يحسبونه ماءً.
* * *