ذهب الكثير منهم إلى أنّ المقصود من الغنائم التي يحظى بها المسلمون في فترة قصيرة هي «غنائم خيبر» ، وإن احتمل البعض أنّها إشارة إلى «الغنائم المعنوية لصلح الحديبية» ، إلّاأنّ هذا الاحتمال ضعيف كما قلناه سابقاً.
وأمّا في صدد الغنائم طويلة الامد فقد ذهب الكثير من المفسرين إلى أنّها إشارة إلى «غنائم حرب حنين» وقبيلة «هوازن» (١) و (٢).
واحتمل البعض أيضاً أنّها إشارة إلى الفتوحات الكبيرة القادمة نظير فتح بلاد ايران والروم واليمن ، وبالرغم من أنّ فتح حنين والحصول على غنائم قبيلة هوازن لم يكن مستبعدا من قبل المسلمين ، إلّاأنّ التوصل إلى فتح «ايران والروم» وما شابهها كان بالنسبة إليهم أمراً شاقاً وبعيد المنال ، ولهذا حينما أعطى النبي صلىاللهعليهوآله البشارة وفقاً لرواية معروفة بفتح ايران والروم واليمن في حرب الخندق بدأ المنافقون يسخرون من ذلك ، والسبب في ذلك يعود إلى عدم إمكان تحققه من ناحية الاسباب الظاهرية ، لكن الله تعالى القادر على كل شيء هو الذي جعل الوصول إلى هذه الفتوحات ، والحصول على الغنائم الثمينة قيد الإمكان والتحقق ، فكشف الستار عنها قبل التوصل إليها بسنين طويلة ، وبيّنها بشكل تنبؤ صادق في الآيات المتقدمة ، فيا ترى هل يمكن حصول هذه التنبؤات بدون الارتباط بعالم الغيب؟
* * *
٤ ـ التنبّؤ بالهزيمة الساحقة للاعداء
في المقطع الرابع نقف على صورة اخرى للتنبؤ.
نزلت هذه الآيات في مكة عندما كان اعداء الإسلام يسرحون ويمرحون في أوج قدرتهم ، في حين كان المسلمون في غاية الضعف وقلة العدد.
__________________
(١) اشير إليه في تفاسير مجمع البيان ؛ الكبير للفخر الرازي ؛ وروح المعاني ؛ والميزان.
(٢) إنّ غنائم حنين كانت عظيمة حتى أنّ البعض قدرها ب ٢٤ الف ناقة و ٤٠ الف شاة ومقادير كثيرة من الفضة (تفسير روح البيان ج ٩ ، ص ٤٢ ؛ منتهى الآمال ج ١ ، ص ٦٥).