يقول (أبو الفتوح الرازي) الذي يعدّ من المفسرين رفيعي الشأن في القرن السادس وكتب تفسيره باللغة الفارسية في تعبير جذّاب في ذيل كلمة (خاتم النبيين) : «وآخر الأنبياء حتى تظن أنّه ختم النبوة ، وبنبوته ختم باب بعث الأنبياء» (١).
ويقول كذلك المفسر السني الشهير (الفخر الرازي) والذي يعدّ من مفسري القرن السادس الهجري المعروفين بعد كلمة (خاتم النبيين) : «مفهومها أن لا نبي بعده ، وشريعته تامة بحيث لم يبق شيء لم يذكر» (٢).
وسار بقية المفسرين قرناً بعد قرن على نفس المعنى حتى وصل إلى المفسرين المعاصرين.
والشيء الملفت للنظر هو أنّ مادة ختم ومشتقاتها ـ الآية المذكورة ـ استخدمت في القرآن الكريم في سبعة موارد جاءت كلها وبدون استثناء بمعنى الاتمام أو انهاء الشيء أو الختم الذي يضربونه أسفل الرسائل ، وهذا بذاته يدلل على أنّ الآية موضوع البحث ليس لها اي مفهوم سوى أنّ النبي صلىاللهعليهوآله هو خاتم سلسلة الأنبياء ، والختم الذي وضع على نهاية سجل الرسالات.
وكذلك جاء في (نهج البلاغة) والروايات الإسلامية نفس المعنى بشكل عام ، وسوف يشار إلى قسم منها في نهاية هذا البحث.
* * *
الاجابة عن بعض الاسئلة :
١ ـ يقال أحياناً : إنّ (خاتم) تعني الزينة. وبناء عليه فإنّ مفهوم الآية هو أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان زينة لكل الأنبياء وليس خاتمهم.
لكن يجب الالتفات إلى أنّ (خاتم) لم تأت أبداً بمعنى الزينة وإنّما بمعنى (الخاتم الذي له
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٩ ، ص ١٦٢.
(٢) تفسير الكبير ، ج ٢٥ ، ص ٢١٤.