تلوث الباطن ، وحسن الباطن مع عدم جمال الظاهر. ففي هذه الحالة يرجحِّ القرآن الكريم الكفة الثقيلة لجمال الباطن وجاذبية الروح والأخلاق والإيمان فيقول : (وَلَا تَنكِحُوا المُشرِكَاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ وَلَامَةٌ مُّؤمِنَةٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكَةٍ وَلَو اعجَبَتكُم وَلا تَنكِحُوا المُشرِكِينَ حَتَّى يُؤمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤمِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ وَلَو اعجَبَكُم اولَئِكَ يَدعُونَ الَى النَّارِ وَاللهُ يَدعُوا الَى الجَنَّةِ وَالمَغفِرَةِ بِإذنِهِ). (البقرة / ٢٢١)
ومن المؤسف حقّاً هو عدم الاهتمام بالقيم المعنوية في وضع القوانين والمقررات الاجتماعية في عالم اليوم حيث أصبح من العوامل المهمّة للكثير من المآسي والويلات ، علاوة على أنّ هؤلاء لا يجدون الطريق إلى هذه القيم في الواقع ، لأنّ الاعتراف بهذه القيم لا يتمّ بدون الاستناد إلى رؤية معنوية للكون تقيم وزناً لها وتحتفظ بقيمتها ، لذا أصبح العالم المادي عاجزاً عن الوصول إليها ، وما يشاهد حالياً في المتون القانونية لعالم اليوم من قبيل حقوق الإنسان مثلاً فهو الآخر عرضة للتفاسير المختلفة دائماً ، أو مبرر لتوجيه الابتزازات المادية ، وغطاء للتستر على الأهداف اللامشروعة المنافية للأصول المنسجمة مع الإنسانية في كل الحالات.
* * *
سابعاً : الاصول الثابتة والمتغيرة
من المعلوم لدينا أنّ مسلمي العالم يعتقدون من خلال ما استلهموه من القرآن والأحاديث الإسلامية المعتبرة أنّ نبي الإسلام هو خاتم الأنبياء ، وأنّ الدين الإسلامي هو الدين الخالد ، ومع التسليم بهذا الاعتقاد يبرز هذا السؤال وهو : كيف يمكن الحفاظ على بقاء الأحكام والمقررات الثابتة والخالدة مع حدوث التغييرات المستمرة للحياة الاجتماعية للجنس البشري ، وكيف يتم حصول المتطلبات المتغيرة مع وجود قوانين ثابتة؟
إنِّ القوانين القرآنية عالجت هذه المشكلة وذلك من خلال تصنيف القرآن لهذه القوانين