٢ ـ الاعجاز القرآني على صعيد المعارف الإلهيّة
بعد الكلام عن مسألة الفصاحة والبلاغة وصل بنا المطاف للحديث عن المضمون وقبل كل شيء نتعرض لمسألة المعارف ونحاول بيان المسائل المتعلقة بالمبدأ والمعاد والعقائد الدينية.
ومن الامور الأساسية هي أنّ بيان المسائل ذات العلاقة بالمبدأ والمعاد والنبوة والإمامة ، يُعدُّ أحد المعايير الفاصلة بين الأديان الحقة والباطلة ، لأنّ بحوث هذا القسم وبالأخص ما يتعلق بالذات القدسية لله تعالى وصفاته واسمائه في غاية الدقة والتعقيد ، بحيث يصبح الحد الفاصل بين الشرك والتوحيد ادق من الشعرة أحياناً.
إنّ هذا القسم من الآيات القرآنية على جانب كبير من الابداع والعمق والدقة ، بحيث لو لم يوجد دليل على اعجازه سوى الايضاحات الدقيقة التي يبينها في هذه المسائل ، لكان هذا كافياً للاستدلال عليه.
خصوصاً وأنّ القرآن ظهر في بيئة عاكفةٍ على عبادة الأصنام مملوءه بالمعابد بدءاً من الأصنام المنزلية وانتهاءً بالاصنام العشائرية والأصنام الكبيرة العامة ، التي كانت مقصداً لكل بلد وحي.
لقد كانوا يصنعون الأصنام بأيديهم من الاخشاب أو الصخور أو المعادن ، وبالرغم من علمهم بعدم امتلاكها لأدنى احساس وشعور وحركة ورؤية ، نجدهم ينسبون إليها القدرة الهائلة استناداً إلى جملة من التخيلات المحضة الركيكة التي تدور في أذهانهم ، ومن ثم يسلمونها مقاليد امورهم ومقدراتهم ويخضعون لها في عجز وتضرع يلتمسونها ويسجدون