ونقرأ في قوله تعالى ما يتضّمن معنى التسلية للنبي صلىاللهعليهوآله : (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفسَكَ عَلَى آثَارِهِم انْ لَّمْ يُؤمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ اسَفَاً). (الكهف / ٦)
وشبيه هذا المعنى جاء في قوله تعالى : (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ الَّا يَكُونُوا مُؤمِنينَ) (١). (الشعراء / ٣)
وحقاًإذا لم يتصف القائد بهذه الصفات فلا يستطيع أن يجسّد المعنى الحقيقي والواقعي للقيادة ، وقد جاء في قوله تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُم رَسُولٌ مِّن انفُسِكُم عَزِيزٌ عَليَهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ). (التوبة / ١٣٨)
ومن المسلَّم به أنّ البحث حول الملكات الخلقية للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله وخصائصه الأخلاقية أوسع وأشمل من أن يضمها حديث قصير ، وأنّ غايتنا فقط هي الإشارة العابرة لهذه المسألة باعتبارها إحدى القرائن.
* * *
٣ ـ مضمون الدعوة
إنَّ تحقيق ودراسة محتوى أيّ دعوة يشكل في الغالب دليلاً مقنعاً للتوصل إلى صدق أو كذب المُدّعي ، فالدين السماوي الذي يصدر عن جهة السماء ، وينزل عن طريق الوحي ، له مزاياه الخاصة ، في حين أنّ الدين الكاذب الذي يبتدعه فرد أو أفراد لأهداف مادية وشيطانية له مزايا اخرى.
فالأول : غايته هداية البشرية ، وتقوية النفوس ، وإقامة العدل ، وتهيئة متطلبات الصلح والسلام والأمن ، وأخيراً تكامل الإنسان مادياً ومعنوياً.
في حين أنّ الثاني. يسعى لتحميق الإنسان وتخدير فكره ، والانتفاع الأكثر منه والاستعمار والاستثمار له ، ومسلّماً أن أهدافاً كهذه تتطلب خططاً وبرامج اخرى.
وبملاحظة ما ذكر آنفا نلقي نظرة إجمالية على مجموع المعارف والقوانين والبرامج
__________________
(١) «باخع» من مادة «بَخْع» على وزن «نَقْع» تعنى الهلكة من شدة الغم والحزن ، وبتعبير آخر ، الموت غصة.