الامّة» فهو أيضاً إشارة إلى نفس الابوة الروحية التي تنبع من التعليم والتربية والقيادة.
ويجب الالتفات إلى أنّ للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عدة أولاد نسبيين بأسماء (القاسم) ، (الطيب) ، (الطاهر) ، و (إبراهيم) ورحلوا جميعهم عن هذا العالم قبل البلوغ. ولهذا السبب لم تسميهم الآية (رجالاً) (١).
ضمنا هناك رابطة اخرى بين مسألة ختم النبوة وعدم وجود الولد وهي أن أولاد الأنبياء كانوا أنبياء أيضاً ، ولأنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لا ابن له بلغ مبلغ الرجال لم يبق أي مجال للتوهم بأن سيكون بعده نبي آخر ، وعلى هذا فإنّ فقدان الولد هي إشارة إلى ختم النبوة.
ويقول في آخر الآية (وكان الله بكل شيء عليماً).
ووضع تحت تصرف هذا النبي الخاتم ماكان لازماً من معارف وعلوم ومسائل الاصول والفروع.
وقد ابدي الاحتمال في ربط بداية الآية بنهايتها ، ففى بدايتها نفى عن النبي صلىاللهعليهوآله ابُوَّته الجسمية لُامته ، ولذا سيظهر هذا السؤال وهو : إذا كان بهذا الشكل فلماذا لا يحق لُامّته أن يتزوجوا زوجات النبي صلىاللهعليهوآله من بعده؟ وفي الجواب على ذلك يقول : «إنّه رسول الله صلىاللهعليهوآله بالإضافة إلى كونه خاتم أنبيائه وأفضلهم ، ولهذا السبب فإنّ حفظ حرمته واجب وترك الزواج من أزواجه بعد وفاته هو جزءٌ من هذه الحرمة» (٢).
مفهوم خاتم النبيين :
مع أنّ معنى (خاتم) واضح جدّاً ـ لأنّ مادة ختم في كافة معاجم اللغة العربية تعني انهاء شيء ـ ولكن قسماً من وساوس المنحرفين تستوجب تقديم توضيحات أكثر بشأنها ، يقول «ابن فارس» ، أحد علماء اللغة المعروفين في القرن الرابع الهجري ، في «معجم مقاييس اللغة : «ختم ، لها معنىً أصليٌّ واحدٌ لا أكثر وهو الوصول إلى نهاية الشيء. وأن قولهم (ختم)
__________________
(١) تفسير القرطبي ؛ وتفسير الميزان ، ذيل الآية مورد البحث.
(٢) تفسير القرطبي ، ذيل الآية مورد البحث.