ومن الظريف أنّ النباتات مختلفة من هذه الجهة ، ففي كثير منها يجتمع الذكر والانثى فيها في أصل واحد ، وفي البعض الآخر تنفصل أشجار الذكر عن أشجار الانثى.
خذوا وردة من الورود ثم افصلوا أوراقها عنها ، وتأملوا بدقة في داخلها تجدون عالماً مليئاً بالعجائب والأسرار. وفي الواقع ينعقد هناك محفل كبير ، بيدَ أنّه لا صخب فيه ، ويخلو من أي لون من ألوان العنف والاعتداء ، حيث أنّ المياسم الظريفة واللطيفة التي تحمل معها أكياس حبوب اللقاح تحيط بما حولها ثم تتحرك مع هبوب الرياح ، لتنثر تلك الحبوب على المدقة. إنّ الحبات المذكرة التي تمثل كل واحدة منها خلية صغيرة جدّاً ، تتجذر بسرعة وبعد العبور من على عنق المدقة تمتزج مع نطفة الانثى في المبيض في أصل الورد لتشكل بدورها بذرة الورد أو الفاكهة.
وكأنّ الأوراق الزاهية للورد بمنزلة احدى معالم الزينة لهذا المحفل الغرامي العجيب أو الاستار الموضوعة على الحجرة المزينة للعروسين ، ثم تُدعى الحشرات والفراشات الجميلة والنحل إلى هذا المحفل البهيج أيضاً.
ويتناول كل منهم الحلوى المخصوصة والمعدّة له من قبل رحيق الأزهار ويبعثون لنا حصةً منها ، وما نشاهده من العسل في الأسواق ، هو نصيبنا من ذلك المحفل.
وعلى أيّة حال استناداً إلى تصريح القرآن في آيات مختلفة على شمولية عنصر الزوجية للنباتات ، وبالرغم من بعض الاستثناءات القليلة الواهية الموجودة في كل قانون كلي ، يكون قد رفع الستار عن هذا السر المهم الذي خفي عن أنظار العلماء في ذلك العصر والقرون التي تلته وهذه بحد ذاتها من المعاجز العلمية البديعة.
٩ ـ القرآن والزوجية العامة
نقرأ في قوله عزّ من قائل : (وَمِن كُلِّ شَىٍء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُم تَذَكَّروُنَ). (الذاريات / ٤٩)
ويقول تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِى خَلَقَ الازْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الارضُ وَمِن انفُسِهِم وَمِمَّا لَا