إشارة معبرة عن الاوضاع في العصر الجاهلي الذي كانت الضلالة المبينة تسود أركانه ، وأي ضلالة أوضح وأبين من عبادتهم لأصنام من الحجر والخشب صنعوها بأيديهم ، والأسوأ من ذلك هو تلك الأوثان التي يعملونها من التمر ويعبدونها ، ثم يأكلونها أيّام القحط والجفاف.
أو يدفنون بناتهم بأيديهم وهن أحياء ، وهم يفخرون ويتباهون بعملهم هذا بدعوى أنّهم لا يدعون عرضهم وناموسهم يقع بأيدي الأجانب ، أو يقتلون أبناء خوفاً من الإملاق.
وجاء في قوله تعالى : (وَاذا بُشِّرَ احَدُهُم بالانثَى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوارى مِن القَومِ مِنْ سُوءِ مَابُشِّرَ بِهِ ايُمسِكُهُ عَلَى هُونٍ امْ يَدُسُّهُ فِىِ التُّرابِ* الَا سَآءَ مَايَحكُمُونَ). (النحل / ٥٨ ـ ٥٩)
وأي ضلال أوضح من سيطرة أنواع الخرافات والأوهام عليهم ، أو اعتبارهم الملائكة بنات الله : (وَجَعَلُوا المَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحمَنِ انَاثاً). (الزخرف / ١٩)
وفي مكان آخر يقول : (وَيَجعَلُونَ لِلَّهِ البَنَاتِ سُبحَانَهُ). (النحل / ٥٧)
وهناك آيات اخرى نظير ما أشرنا إليها.
أيّ ضلالٍ أوضح وأبين من أن تسيطر عليهم الحروب وسفك الدماء في كل أيّام السنة ـ باستثناء الأشهر الحرم ـ ، وتوارث الأحقاد القبلية من الآباء للأبناء واستمرارها لسنوات وسنوات ، كما يشير القرآن إلى ذلك بقوله : (وَاذكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيكُم اذْ كُنْتُم اعدَاءً فَالَّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَاصبَحْتُم بِنِعمَتِهِ اخوَاناً وَكُنتُم عَلَى شَفَا حُفرَةٍ مِنَ النَّارِ فَانقَذَكُم مِّنهَا). (آل عمران / ١٠٣)
أيّ ضلالة أوضح من أن تكون حتى مراسم صلاتهم ودعائهم مضحكة ومقززة ، فحيناً تطوف النساء حول بيت الله الحرام وهن عاريات تماماً ويحتسبن ذلك عبادة ، وحيناً آخر يقيمون صلاتهم مصحوبة بالتصفيق والصفير : (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُم عِنْدَ البَيتِ الَّا مُكَاءً وَتَصدِيَةً). (الانفال / ٣٥)
لقد كانت الخرافات والأوهام تخيم على مجتمعهم ، بضروب شتى وكانت كل قبيلة تسعى إلى إبراز نفسها على أنّها أرفع من القبيلة الاخرى وربّما يؤدّي إلى ظهور الأحقاد