شيئاً ما في إصدار الحكم ، فحينما طرح أحد هذين الأخوين ادّعاءه ، أعرب عن قوله ومن دون أن يستمع إلى ادّعاءات الأخ الثاني : إنّ أخاك قد ظلمك وأنّه لاينبغي أن ينازعك في صدد نعجة واحدة مع كل مايمتلكه من المال والثروة ، وإن كان هذا لا يمثل الحكم النهائي لداود عليهالسلام ، إلّاأنّ نفس هذا المقدار من التسرع في إصدار الحكم لا يصلح لمقام القضاء العادل بصورة عامة ، وقضاء النبي داود عليهالسلام بصورة خاصة ، ولعل هذا هو السبب في توبته واستغفاره وسجوده.
ولأجل هذه الدقّة في مسألة القضاء والتماس المغفرة والمسامحة من هذه الزلة أعطاه الله المقام المحمود.
والشاهد على هذا التوجيه للآيات السابقة هي الآية التي وردت مباشرة بعد هذه الآيات وذلك عندما يقول : (يَادَاوُدُ انَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرضِ فَأَحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلَاتَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ).
هذه الآية تدل بوضوح على أنّ المخالفة ، أو بعبارة أصح ، ترك الأولى الذي صدر من النبي داود عليهالسلام لم يكن يتضمن في حقيقته بعض الامور التي هي من قبيل الغرام والتعلق بزوجة أحد قادة جيشه الذي يدعى باسم (اوريا) وأمثال ذلك من المفاهيم التي نسجتها ذهنية أهل الأساطير استناداً إلى ما جاء في التوراة.
والآن نعود إلى التوراة الفعلي المحرف لننظر إلى مايقوله في هذا المجال :
نطالع في الكتاب الثاني لاشموئيل هذه الحادثة :
«ووقع عند الغروب عندما نهض من فراشه وطاف حول سطح بيت الملك ، ورأى من السطح امرأة تستحم وكانت هذه المرأة غاية في الجمال والرشاقة ، وأخذ داود يستفسر عن هذه المرأة ، وقال شخص أليست «بث شبع» (١) (وهذا اسمها) وهي بنت «اليعام» (٢) زوجة «اورياه حتّي» (٣)؟
__________________
(١) «بث شبع» اسم تلك المرأة التي رآها داود ـ طبقاً لما تقوله التوراة ـ عارية من سطح البيت وعشقها ، وهي ابنةاليعام أحد أصحاب المناصب العبرية.
(٢) المصدر السابق.
(٣) «اوريا» ، بتشديد الياء اسم أحد القادة البارزين في جيش داود ، و «حتّي» بتشديد التاء وكسر الحاء نسبة إلى «حت بن كنعان» الذي يعرف قومه بـ «بن حت».