(النهاية) : هي بالأصل تعني المحو ، لكن الراغب في مفرداته اعتقد بأنّ هذا المعنى ليس أصل الكلمة ، بل أصلها الأساسي هو (القصد لأخذ الشيء) ، لذا تُطلق على الرياح العاصفة التي تسبب الدمار أو الذهاب بالأشياء المختلفة ، وإن أُطلقت (عفوّ) على (المَحو) فلأنّه نوعٌ من القصد لأخذ شيء معين.
وأُطلقت كلمة (عفوّ) على نمو النبات لأنّه يشق التراب ويظهر.
وقد ذُكر في مقاييس اللغة اصلان لهذه الكلمة هما : ترك الشيء أو طلبه ، ثم أرجع بقية المعاني إلى هذين المفهومين ، ومن جملتها (العفو) بمعنى المحو والإبادة ، و (العفاء) بمعنى التراب المتروك.
وعلى أيّة حال عندما تستعمل هذه الكلمة بخصوص الباري تعالى فإنّها تُعطي معنى غفران الذنوب ، ومحو آثار المعصية ، وترك المعاقبة عليها ، لكن بما أنّ (عفوّ) صيغة مبالغة فإنّها تعني (كثير العفو) (١).
وسبب التأكيد على هذه الصفة الإلهيّة هو أنّه تعالى لولا عفوه لما نجا أحدٌ من تبعات الذنوب ، قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «اللهم احملني على عفوك ولا تحملني على عدلك» (٢).
وفي وصيةٍ له عليهالسلام لمالك الأشتر : «ولا غنى بك عن عفوه ورحمته» (٣).
إنّ عفو الله من السعة بحيث لا يحدّه شيء ، والشيء الوحيد الذي استثناه القرآن منه هو الشرك ، لذا فقد ورد حديث عن الإمام الحسن العسكري أنّه عليهالسلام قال : «إنّ الله ليعفو يوم القيامةِ عفواً يُحيط على العباد حتى يقول أهل الشرك والله ربّنا ماكُنّا مشركين»(٤).
ومن جهةٍ اخرى فإنّه تعالى يلقّن عباده درس العفو والصفح ، ويوصيهم بالعفو عن بعضهم مهما أمكنهم ، راجين بذلك من الله أن يعفو عن ذنوبهم.
__________________
(١) «عُفوّ» على وزن «فعول» أُدغم واواْها.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٧.
(٣) المصدر السابق ، الكتاب ٥٣.
(٤) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٦ ، ح ١٢ ، الباب ١٩ عفو الله.