ولكن يرد عليه ما يرد على ما قبله لجريان الأصل اللفظي وهو مطابقة الإرادة الاستعمالية مع الإرادة الجدية وعدم قبول العقلاء عذر عاقل يقول ما أردت الجد في كلامي وهذا غير مربوط بأصالة الصحة في مقابل احتمال الفساد بل الفساد هنا غير مستقيم لأن الكلام لا يكون فاسدا ولو لم تكن الإرادة الجدية مع الإرادة الاستعمالية كما انه قد يتفق لبعض الدواعي كالأمر الامتحاني.
واما إذا شك في مطابقة الخبر للواقع فهو قده أيضا قائل بعدم جريان أصالة الصحة وهو كذلك لأن الواقع يكون بيد الله تعالى ولا يكون بيد من لا يكون ملازما للواقع ويقع الخطاء منه من غير شعور أو مع الالتفات.
والبحث في حجية الخبر الواحد لا يكون من جهة مطابقة الخبر للواقع بل من جهة تنجيز الحكم للمكلف ان أصاب الواقع وكونه معذورا عند الخطاء ولا أثر للواقع وعدمه في هذه الجهة شرعا حتى نحتاج إلى جريان أصالة الصحة.
فتحصل ان أصالة الصحة في الأقوال غير جارية مطلقا وكلام الشيخ الأعظم قده ومن تبعه مثل شيخنا النائيني قده غير تام.
واما جريانها في الاعتقادات فهو الحق مثل ان الفقيه إذا أخبر بأن العصير العنبي مثلا حرام ونجس ولا ندري انه هل يكون مطابقا لاعتقاده من باب الفحص التام عن الدليل بحيث صار هذا رأيا له واقعا أو لا يكون مطابقا لاعتقاده فتجري أصالة الصحة في تحصيل مقدمات صحيحة لتحصيل هذا الرّأي ويحكم بأنه مطابق لاعتقاده وهكذا إذا عدّل الرجالي رجلا من الرّواة أو جرحه ولا نعلم ان الجرح والتعديل هل يكونان عن مقدمات صحيحة أو فاسدة فنحكم بالصحّة من هذا الباب.