كليهما لا أولويّة له أصلا على طرح أحدهما والأخذ بالآخر ، بل الأمر بالعكس ؛ وأمّا الجمع بين البيّنات في حقوق الناس ، فهو وإن كان لا أولويّة فيه على طرح أحدهما بحسب أدلّة حجيّة البيّنة ، لأنّها تدلّ على وجوب الأخذ بكلّ منهما في تمام مضمونه ، فلا فرق في مخالفتهما بين الأخذ لا بكلّ منهما ، بل بأحدهما
______________________________________________________
كليهما) أي : كلا الظاهرين المتنافيين ، كما في «لا بأس ببيع العذرة» (١) و «ثمن العذرة سحت» (٢) ـ مثلا ـ وذلك تبعا لقاعدة : «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح» (لا أولويّة له أصلا على طرح أحدهما والأخذ بالآخر) أي : لا أولوية للجمع الدلالي في الأحكام إذا كان مستلزما لتأويل كلا الظاهرين معا على الطرح ، كما أن الجمع العملي في الأحكام فيما يمكن التبعيض فيه ، كما في مثال «أكرم العلماء» و «أهن العلماء» لا أولوية له على الطرح أيضا لعدم رضا الشارع به (بل الأمر بالعكس) أي : بأن اللازم الأخذ بأحدهما وطرح الآخر ، وذلك لأنّ هذا هو مقتضى روايات العلاج.
(وإمّا الجمع بين البيّنات في حقوق الناس ، فهو وإن كان لا أولوية فيه على طرح أحدهما بحسب أدلّة حجيّة البيّنة) وإنّما لا أولوية للجمع فيه (لأنّها) أي : أدلة حجيّة البيّنة (تدلّ على وجوب الأخذ بكلّ منهما) أي : بكل من البيّنتين (في تمام مضمونه) وإذا كان الواجب ذلك (فلا فرق في مخالفتهما) أي : في حصول المخالفة للبيّنتين في الجملة (بين الأخذ لا بكلّ منهما ، بل بأحدهما) فقط
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٢٢٦ ح ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠٢ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ١ و ٣ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٥.
(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠١ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٤.