لأنّ الحقّ فيها للشارع ، ولا يرضى بالمعصية القطعيّة مقدّمة للعلم بالاطاعة ، فيجب اختيار أحدهما وطرح الآخر ، بخلاف حقوق الناس ، فإنّ الحقّ فيها لمتعدّد ، فالعمل بالبعض في كلّ منهما جمع بين الحقّين من غير ترجيح لأحدهما على الآخر بالدواعي النفسانيّة ،
______________________________________________________
لا تجوز المخالفة القطعية لإكرام العلماء وأهن العلماء ـ مثلا ـ دفعة ، وإن جازت بنظر المصنّف تدريجا بأن يكرم يوما ويهين يوما.
وإنّما لا يجوز ارتكاب ذلك دفعة (لأنّ الحقّ فيها) أي : في الواقعة الشرعية الواحدة (للشارع ، ولا يرضى بالمعصية القطعيّة) دفعة (مقدّمة للعلم بالاطاعة) لما يقتضيه الدليلان ، وذلك لأنّه إذا اكرم عالما وأهان عالما ، فإنّه خالف قطعا كما أنه وافق قطعا ، لكن المخالفة والموافقة القطعيتين حصلتا في كل من الدليلين الشرعيين دفعة ، وحيث انّ الشارع لا يرضى بذلك (فيجب اختيار أحدهما) أي : أحد الدليلين (وطرح الآخر) فيما إذا كان هناك مرجّح وإلّا فالتخيير.
هذا كله في الجمع الحكمي (بخلاف حقوق الناس) الذي هو جمع موضوعي (فإنّ الحقّ فيها) أي : في حقوق الناس (لمتعدّد) من الأشخاص (فالعمل بالبعض في كلّ منهما) أي : في كل من البينتين إنّما هو (جمع بين الحقّين من غير ترجيح لأحدهما على الآخر بالدواعي النفسانيّة) علما بأن الدواعي النفسانية هناك تخالف العدالة ، وذلك لأنّ العادل إذا كان من حقه أن يعطي لهذا ، أو يعطي لذاك ، فقدّم أحدهما على الآخر لقرابة أو صداقة أو ما أشبه ذلك لم يسقط عن عدالته.