وقوله : «ينبغي غسل الجمعة» بناء على ظهور هذه المادّة في الاستحباب فإنّ الجمع يحصل برفع اليد عن ظاهر أحدهما.
وحينئذ : فإن كان لأحد الظاهرين مزيّة وقوة على الآخر ، بحيث لو اجتمعا في كلام واحد ، نحو : رأيت أسدا يرمي ، أو اتّصلا في كلامين لمتكلّم واحد
______________________________________________________
(وقوله : «ينبغي غسل الجمعة» بناء على ظهور هذه المادّة) أي : مادّة ينبغي (في الاستحباب) وإن كان كل واحد من لفظي ينبغي ولا ينبغي يستعملان حتى في المحال أيضا ، مثل قوله سبحانه : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (١) ، وفي خلاف المصلحة مثل قوله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) (٢).
وكيف كان : (فإنّ الجمع) في مثال المتعارضين بالتباين (يحصل برفع اليد عن ظاهر أحدهما) إمّا عن ظاهر «اغتسل» الظاهر في الوجوب ، وإمّا عن ظاهر «ينبغي» الظاهر في الاستحباب (وحينئذ) أي : حين كان اللازم رفع اليد عن أحد الظاهرين (فان كان لأحد الظاهرين مزيّة وقوة) في دلالته (على الآخر ، بحيث لو اجتمعا في كلام واحد) قدّم الأقوى (نحو : رأيت أسدا يرمي) فإنّ يرمي أقوى دلالة في رمي الانسان السهم إذا اجتمع مع الأسد ، من دلالة الأسد على الحيوان المفترس ، فيكون يرمي قرينة على رفع اليد عن ظاهر الأسد ، فنرفع اليد لظاهر يرمي عن ظاهر الأسد ونقول : بأنّ المراد من الأسد هو : الرجل الشجاع.
(أو اتّصلا) أي : اتصل الظاهران المتباينان (في كلامين لمتكلّم واحد) وذلك كما إذا قال : رأيت أسد ثم قال : وكان يرمي ، حيث أنّ الصدر والذيل كلامان متباينان لكن أحدهما وهو يرمي أقوى دلالة ، فيكون قرينة على الآخر ،
__________________
(١) ـ سورة مريم : الآية ٩٢.
(٢) ـ سورة يس : الآية : ٦٩.