والهرج في الفقه ـ كما لا يخفى ـ ولا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه من الاجماع والنصّ.
______________________________________________________
بقاعدة : «الجمع أولى من الطرح» لم يبق موضع لترجيح خبر على خبر ، مع أن لزوم ترجيح خبر على خبر هو ممّا دل عليه أخبار العلاج وقام عليه إجماع العلماء.
ثانيا : (والهرج في الفقه) فإنّ العمل بقاعدة : «الجمع» يستلزم التناقض الكثير في الفقه ، وذلك لأنّه يكون لكل أحد الحق في توجيه مورد التعارض مع كثرته بحسب ما يؤدّي إليه نظر الفقيه في التوجيه ، فيجمع ـ مثلا ـ بين قول الشارع : «ثمن العذرة سحت» (١) وبين قوله : «لا بأس ببيع العذرة» (٢) تارة : بأنّ ما يحرم ثمنه هو : عذرة الانسان ، وإنّ ما يحلّ بيعه هو : عذرة غيره ، وأخرى : بأنّ الحرام هو ثمن عذرة غير مأكول اللحم وأن الحلال هو بيع عذرة مأكول اللحم ، وثالثة : بأنّ الحلال ما كان موضع الفائدة كالتسميد وأن الحرام ما لم يكن موضع الفائدة ، ورابعة : بأنّ الحرام هو البيع للمسلم والحلال هو البيع للكافر ، وخامسة : بأنّ الحرام هو البيع في البلاد الحارّة حيث أنه يتعفّن كثيرا والحلال هو البيع في البلاد الباردة حيث أنه لا يتعفّن كثيرا ، وهكذا (كما لا يخفى) ذلك على من لاحظ الاحتمالات في المتعارضين.
ثالثا : (ولا دليل عليه) أي : لا دليل على العمل بهذه القاعدة التي تقول : «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح» على إطلاقها (بل الدليل على خلافه من الاجماع والنصّ)
__________________
(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠١ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٤.
(٢) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٢٢٦ ح ٣ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ١ و ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٥.