ثم حكم بأن الأمارة الفلانية كخبر العادل الدال على حرمة العصير ـ حجة بمعنى أنه لا يعبأ باحتمال مخالفة مؤداه للواقع فاحتمال حلية العصير المخالف للأمارة بمنزلة العدم لا يترتب عليه حكم شرعي كأن يترتب عليه لو لا هذه الأمارة.
وهو ما ذكرنا من الحكم بالحلية الظاهرية فمؤدى الأمارات أنه حلال أو حرام ، فالشارع جعله حلالا (ثمّ حكم بأنّ الأمارة الفلانيّة ـ كخبر العادل الدالّ على حرمة العصير ـ) إذا غلى ولم يذهب ثلثاه (حجّة) وجعله خبر العادل حجّة (بمعنى : أنّه لا يعبأ باحتمال مخالفة مؤدّاه) أي : مؤدّى ذلك الخبر (للواقع) فإنه إذا ورد الخبر بحرمة العصير ، فإنه يحتمل مع ذلك أن الخبر اشتباه وأن العصير حلال في الواقع ، لكن الشارع لمّا قال : «صدّق العادل» كان معناه : ألغ احتمال الخلاف.
وعليه : (فاحتمال حلّية العصير المخالف للأمارة) التي هي هنا خبر العادل الدال على حرمة العصير بعد الغليان وقبل ذهاب الثلثين إنّما يكون (بمنزلة العدم) بمعنى : أنّه (لا يترتّب عليه) أي على هذا الاحتمال المخالف للخبر (حكم شرعي) ظاهري بحيث لو كان هذا الاحتمال لوحده (كان يترتّب عليه لو لا هذه الأمارة ، وهو) أي : ذلك الحكم الشرعي الظاهري (ما ذكرنا : من الحكم بالحلّية الظاهرية) للعصير ، فإنّه لو لا هذا الخبر كان يترتّب على العصير حكم الحلّية الظاهريّة ، وذلك بمقتضى : «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه» (١).
إذن : (فمؤدّى الأمارات) والأدلة الاجتهادية ، مثل مؤدّى خبر العادل
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٣١٣ ح ٤٠ (بالمعنى) وقريب منه ح ٣٩ والمحاسن : ص ٤٩٥ ح ٥٩٦.