لأنّ صرفه عن ظاهره لا يحسن بلا قرينة اخرى مدفوعة بالأصل.
وأمّا الحكم بالتخصيص ، فيتوقّف على ترجيح ظهور الخاصّ ، وإلّا أمكن رفع اليد عن ظهوره وإخراجه عن الخصوص بقرينة صاحبه.
فلنرجع إلى ما نحن بصدده من ترجيح حكومة الأدلّة الظنيّة على الاصول ، فنقول : قد جعل الشارع للشيء المحتمل للحلّ والحرمة حكما شرعيّا أعني : الحلّ ،
______________________________________________________
والدلالة ، وذلك (لأنّ صرفه) أي : صرف الدليل الحاكم (عن ظاهره لا يحسن بلا قرينة أخرى) كالقرينة التي ذكرناها في الدلالة على عدم الفرق بين كثير الشك وغير كثير الشك ، في مسئلة البناء على الأكثر عند الشك ، وحيث أن القرينة الاخرى (مدفوعة بالأصل) فاللازم هو : تحكيم الحاكم على المحكوم ، لا جعل التعارض بينهما ، أو تحكيم المحكوم على الحاكم.
هذا في الحكومة (وأمّا الحكم بالتخصيص ، فيتوقّف على ترجيح ظهور الخاصّ) بمرجّح داخلي أو خارجي ، عقلي أو لفظي (وإلّا) بأن لم يكن هناك مرجّح (أمكن رفع اليد عن ظهوره) أي : ظهور الخاص (وإخراجه عن الخصوص بقرينة صاحبه) الذي هو الظهور في العام.
إذا عرفت معنى الحكومة والتخصيص والفرق بينهما (فلنرجع إلى ما نحن بصدده من ترجيح حكومة الأدلّة الظنّية) كالخبر الواحد (على الاصول) العملية ، من الاحتياط ، والبراءة ، وما أشبه ذلك (فنقول : قد جعل الشارع للشيء المحتمل للحلّ والحرمة) كالعصير العنبي (حكما شرعيّا) ظاهريا (أعني : الحلّ) حيث قال : «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه» (١) فإذا شك في العصير
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٣١٣ ح ٤٠ (بالمعنى) وقريب منه ح ٣٩ والمحاسن : ص ٤٩٥ ح ٥٩٦.