مورد للأدلّة النافية لحكم الشكّ في هذه الصور.
والفرق بينه وبين التخصيص : إنّ كون التخصيص بيانا للعامّ بحكم العقل الحاكم بعدم جواز إرادة العموم مع العمل بالخاص ، وهذا بيان بلفظه للمراد ومفسّر للمراد من العامّ ،
______________________________________________________
مورد للأدلّة) الحاكمة (النافية لحكم الشكّ في هذه الصور) المذكورة ؛ فإنه إذا قال ابتداء : «لا شك لكثير الشك» يتساءل : ما معنى هذا الكلام؟ ولكن إذا قال قبل ذلك : «إذا شككت فابن على الأكثر» علم أن قوله : «لا شك لكثير الشك» ناظر الى كلامه السابق ، ومفسّر له ، ومضيّق لدائرته.
(و) إن قلت : أن الحاكم هنا في باب الحكومة هو كالمخصّص هناك في باب التخصيص ، فما هو الفرق بينهما حتى ذكرا على حدة؟.
قلت : (الفرق بينه) أي : بين الحاكم (وبين التخصيص) يكون بما يلي : الفرق الأوّل : (انّ كون التخصيص بيانا للعامّ) لا يتمّ بمدلوله اللفظي ، بل (بحكم العقل) فان العقل هو (الحاكم بعدم جواز إرادة العموم مع العمل بالخاص ، و) ذلك كما إذا قال الشارع ـ مثلا ـ أكرم كل عالم ، ثم قال لا تكرم الفاسق من العلماء ، فالعقل هو الذي يجمع بينهما ثم يحكم بأنه أراد من العام غير الخاص ، بينما (هذا) الدليل الحاكم القائل ـ مثلا ـ : «لا شك لكثير الشك» (بيان بلفظه للمراد ، ومفسّر للمراد من العامّ) القائل : «إذا شككت فابن على الأكثر» يعني : لفظ «لا شك لكثير الشك» بنفسه يفسّر أن المراد من قوله : «إذا شككت فابن على الأكثر» هو غير كثير الشك.
والحاصل من الفرق الأوّل هو : أن التخصيص يكون بحكم العقل ، والحكومة