جميع ما ذكرنا ، كان السبر بيننا وبينه ، بل كان معوّلا على ما يعلم ضرورة خلافه ومدّعيا لما يعلم من نفسه ضدّه ونقيضه. ومن قال عند ذلك : إنّي متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما كان يقتضيه العقل ، يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام ولا يحكم فيها بشيء ورد الشرع به.
______________________________________________________
جميع ما ذكرنا ، كان السّبر) أي : الاستقراء والتحقيق (بيننا وبينه) فانّ بالفحص والاستقراء ينكشف عدم صحة دعواه.
(بل كان) هذا المدعي (معوّلا على ما يعلم ضرورة خلافه) حيث انّه اعتمد في دعواه على مجرد كلام فارغ ، لا شاهد له من الخارج (و) كان (مدّعيا لما يعلم من نفسه ضدّه ونقيضه) أما نقيضه : فحيث يعلم انه لا قرينة له ، وهو يدعي القرينة ، وأما ضده : فلوجود بعض الشواهد على عدم القرينة.
مثلا : لو قالت الرّواية التي يرويها الفطحي : صلاة الجمعة في عصر الغيبة محرمة ، فقد يكون قرينة ، وقد لا يكون لها قرينة ، وقد تكون القرينة على خلاف الحرمة ، فهو مثل أن يقول : أسد يرمي ، أو أسد ، أو أسد يفترس.
ففي الأول : قرينة المجاز.
وفي الثاني : خلو عن القرينة.
وفي الثالث : قرينة على انّ المراد بالأسد : الحقيقة.
(ومن قال عند ذلك) أي : عند عدم وجود القرينة ، على أخبار المنحرفين
(: إنّي متى عدمت شيئا من القرائن ، حكمت بما كان يقتضيه العقل) ممّا معناه : انّه يلزم ان يكون لخبر الفطحي ـ مثلا ـ قرينة شرعية ، أو عقلية ، والحال انه ليس كذلك ، ف (يلزمه : أن يترك أكثر الأخبار ، وأكثر الأحكام ، ولا يحكم فيها) أي في الأحكام (بشيء ورد الشرع به) لأنّه لا يوجد لكثير من الأحكام التي رواها