وما رأينا أحدا تكلّم في جواز ذلك ، ولا صنّف فيه كتابا ، ولا أملى فيه مسألة ، فكيف أنتم تدّعون خلاف ذلك؟.
قيل له : من أشرت إليهم من المنكرين للأخبار الآحاد ، إنّما تكلّموا من خالفهم في الاعتقاد ودفعوهم من وجوب العمل بما يروونه من الأخبار المتضمنة للأحكام التي يروون خلافها.
______________________________________________________
(وما رأينا أحدا تكلّم في جواز ذلك) أي جواز العمل بالخبر الواحد (ولا صنّف فيه كتابا ، ولا أملى فيه مسألة) فانّ من عادتهم كان القاء المسائل على التلاميذ ، ثم إنّ التلاميذ ـ أو هم بأنفسهم ـ كانوا يكتبون تلك المسائل المتفرّقة في كتاب يسمونه : بالأمالي.
(فكيف أنتم تدّعون خلاف ذلك؟) وتقولون : بأن الأصحاب أجمعوا على العمل بالخبر الواحد؟.
(قيل له) إنّ (من أشرت إليهم من) العلماء (المنكرين للأخبار الآحاد) أي : لحجيتها إنّما أنكروا ذلك لأجل ردّ أخبار الخصوم التي عملوا بجعليتها ـ كما تقدّم ـ لا أنهم أنكروا ذلك حقيقة ، فانّهم (إنما تكلّموا مع من خالفهم في الاعتقاد) فانّ العامة بأقسامهم المختلفة كانوا مخالفين للامامية في العقيدة ، وكان عند اولئك أخبار مجعولة أراد الامامية رفضها.
(ودفعوهم من وجوب العمل بما يروونه) أي : العامة (من الاخبار المتضمّنة للأحكام التي يروون) أي : الخاصة (خلافها) فالشيعة لم يقصدوا بالمنع ، منع حجّية الخبر الواحد مطلقا ، وإنما منع حجية أخبار العامة المعارضة بأخبار الخاصة ، أو الاخبار التي انفردوا بها ممّا لا دليل على صحتها وحجيّتها ـ لما عرفت ـ سابقا : من ان الشيعة يرون حجيّة أخبار الثقاة.