لانّه إذا كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك ، كان الاعتبار بالقرينة ، وكان ذلك موجوبا للعلم ، كما تقدّمت القرائن ـ جاز العمل به.
والذي يدلّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة ، فانّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودوّنوها في أصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون ، حتى انّ واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه
______________________________________________________
وإنّما شرطنا هذا الشرط (لأنّه إذا كان هناك قرينة تدلّ على صحّة ذلك) الخبر (كان الاعتبار) والعمل (بالقرينة) لا بنفس الخبر ، وكلامنا نحن الآن في حجيّة الخبر بنفسه ، وإلّا فالقرينة الدالة على الحجّية توجب الاعتماد حتى على خبر الفاسق ونحوه (وكان ذلك) الاحتفاف بالقرينة هو بنفسه (موجبا للعلم ، كما تقدّمت القرائن) في كتاب العدة.
وعلى أي حال : فاذا اجتمع الخبر على هذه الشرائط (جاز العمل به ، والذي يدلّ على ذلك) أي : على جواز العمل بمثل هذا الخبر الجامع للشرائط (إجماع الفرقة المحقّة ، فانّي وجدتها) أي : الفرقة (مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودوّنوها في أصولهم) الأربعمائة ، أو المراد بالأصول : كل الاصول وهي أكثر من ذلك ، فانهم (لا يتناكرون ذلك) أي : لا ينكر أحد من الأمة جواز العمل بمثل هذا الخبر (ولا يتدافعون) أي : انّ أحدهم لا يدفع مثل هذا الخبر.
والتناكر والتدافع ، من باب التفاعل ، كأنه ينكر هذا وينكر ذاك عليه ، أو يدفع هذا ويدفع ذاك الى جانبه.
(حتى إنّ واحدا منهم) أي : من فقهاء الأمة (إذا أفتى بشيء لا يعرفونه) أي :