ولا يدلّ على حرمة العمل به في مقام إحراز الواقع والاحتياط لأجله ، والحذر عن مخالفته.
فالأولى أن يقال :
______________________________________________________
(ولا يدلّ على حرمة العمل به) أي : بالظّنّ (في مقام إحراز الواقع والاحتياط لأجله ، والحذر عن مخالفته) أي : إنّ حرمة العمل بالظّنّ لعدم إغنائه عن الواقع ، أو لكون التّدين به والالتزام به تشريعا محرّما ـ كما سبق الإلماع إلى ذلك ـ لا ينافيان العمل بالظّنّ لأجل دفع الضّرر المظنون الّذي مرجعه إلى الاحتياط.
مثلا : قال الشّارع : لا تعمل بالقياس ، لانّه يوصل إلى الواقع ، وقال : لا تنسب القياس إلى الشّارع لانّه تشريع محرّم ، فإذا قاس الانسان ، الحيوان المتولّد من الكلب والشّاة ـ فرضا ـ بالمخلوط من الماء والخمر ، فلم يأكل من لحم ذلك الحيوان احتياطا لا تشريعا ، مع فرض إنّ الأكل من لحمه حلال لقاعدة : «كلّ شيء فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال» (١) وقاعدة : (كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ) (٢) وما أشبه ، فهل يكون في هذا الاحتياط محذور؟ وقد قال الشّارع : «احتط لدينك بما شئت» (٣) فالاحتياط كما لا ينافي كلّ شيء لك حلال ، كذلك لا ينافي حرمة القياس.
وعليه : (فالأولى أن يقال) دفع الضّرر المظنون لازم ، مكان قول المجيب : بأنّ دفع الضّرر المظنون ليس بلازم ، لأنّه قال : ترخيصا في ترك مراعاة الضّرر
__________________
(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٩ ص ٧٩ ب ٤ ح ٧٢ ، غوالي اللئالي : ج ٣ ص ٤٦٥ ح ١٦ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٣٤١ ب ٢ ح ٤٢٠٨ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ٨٨ ب ٤ ح ٢٢٠٥٠.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٦٨.
(٣) ـ وسائل الشّيعة : ج ٢٧ ص ١٦٧ ب ١٢ ح ٣٣٥٠٩ ، الأمالي للمفيد : ص ٢٨٣ ، الأمالي للطوسي : ص ١١٠ ح ١٦٨.