لأنّ الموانع والمزاحمات ممّا لا تحصى ولا يحاط بها.
وأضعف من هذا الجواب ما يقال : إنّ في نهي الشّارع عن العمل بالظّنّ كلّيّة
______________________________________________________
أين هذا السّفر التّجاري يوجب الرّبح؟ أو ذلك العلم المخوف يوجب الضّرر؟ (لأنّ الموانع والمزاحمات ممّا لا تحصى ولا يحاط بها) ولا يقدر الانسان إنّ يحيط بها على إنّ المصالح والمفاسد لو كانت عللا لا مقتضيات ، لزم تعطيل الانسان عن كثير من الحركات الإصلاحيّة ، أو التجنب عن كثير من الامور الّتي يظنّ الفساد فيها.
والفرق بين المانع والمزاحم هو :
إنّ الأوّل : مانع عن تأثير المقتضي في رتبة المعلول ، كالرّطوبة المانعة عن تأثير النّار في الخشبة في رتبة الإحراق.
والثّاني : مانع عن نفس المقتضي في رتبة العلّة ، كالمانع عن حرارة النّار كما في منع الله سبحانه وتعالى حرارة النّار على إبراهيم ، وإن كان في المثال نوع مسامحة.
وحيث كان دليل العمل بمطلق الظّنّ ، مركّبا عن صغرى هي أنّ في مخالفة المجتهد ظنا بالضّرر ، وكبرى : هي إنّ دفع الضّرر المظنون واجب ، وفرغ المصنّف عن الكلام في الصّغرى ، شرع في الكبرى فقال : (وأضعف من هذا الجواب) الّذي كان جوابا عن الصّغرى (ما يقال) في بيان منع الكبرى : من (إنّ في نهي الشّارع عن العمل بالظن كلّيّة) حيث قال سبحانه : (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (١) وقال تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (٢) وغير ذلك
__________________
(١) ـ سورة النّجم : الآية ٢٨.
(٢) ـ سورة الإسراء : الآية ٣٦.