فإنّا وإن لم نقل بتغيّر المصالح والمفاسد بمجرّد الجهل ، إلّا إنّا لا نظنّ بترتّب المفسدة بمجرّد ارتكاب ما ظنّ حرمته لعدم كون فعل الحرام علّة تامّة لترتّب المفسدة ، حتّى مع القطع بثبوت الحرمة ، لاحتمال تداركها بمصلحة فعل آخر لا يعلمه المكلّف ، أو يعلمه بإعلام الشّارع ،
______________________________________________________
الشّرعيّة ـ حيث إنّ شرب الخمر فيه مفسدة ، وصلة الرّحم فيه مصلحة ـ إنّما هي من قبيل المقتضيات دون العلل التّامّة ، فالظّنّ بالحكم لا يستلزم الظّنّ بالمفسدة في المحرّم ولا المصلحة في الواجب.
(فإنّا وإن لم نقل بتغيّر المصالح والمفاسد بمجرّد الجهل) فإنّ الخمر فيها مفسدة ، سواء علم الانسان بالحكم أو لم يعلم؟ وسواء علم بالموضوع وإنّه خمر أو لم يعلم؟ فالظّنّ والشّكّ والجهل لا مدخليّة لها في المفاسد ، كما لا مدخليّة لها في المصالح أيضا ، فإنّ من شرب الدّواء المفيد لمرضه ، يطيب وإن كان لا يعلم ذلك ، بل وإن كان يعلم ـ بالجهل المركّب ـ إنّه يضرّه.
(إلّا إنّا لا نظنّ بترتّب المفسدة بمجرّد ارتكاب ما ظنّ حرمته).
وانّما لا نظنّ بذلك (لعدم كون فعل الحرام علّة تامّة لترتّب المفسدة ، حتّى مع القطع بثبوت الحرمة) كما إنّه لا يكون الفعل الواجب علّة تامّة لترتّب المصلحة حتّى مع القطع بثبوت الوجوب (لاحتمال تداركها) أي : تدارك تلك المفسدة المنبعثة عن الحرام (بمصلحة فعل آخر لا يعلمه المكلّف ، أو يعلمه بإعلام الشّارع).
فإنّه يمكن أن تكون مضرّة الخمر لمن شربها متداركة بمصلحة أهم من تلك المفسدة أو مساوية لتلك المفسدة ، كمصلحة بقاء الانسان حيّا فيما إذا توقفت حياته على شرب الخمر ، أو يكون هناك دواء يشربه مع شرب الخمر ، يتدارك