منها.
اللهم إلّا أنّ يقال : إنّ الحكم بعدم العقاب والثّواب ، فيما فرض من صورتي الجهل البسيط أو المركّب بالوجوب والحرمة ، إنّما هو لحكم العقل بقبح التّكليف مع الشّكّ ، أو القطع بالعدم.
وأما مع الظّنّ بالوجوب أو التّحريم ، فلا يستقل العقل بقبح المؤاخذة ، ولا اجماع أيضا على أصالة البراءة في موضع النّزاع.
______________________________________________________
الدليل الأوّل : القائل إنّ مخالفة المجتهد لما ظنّه من الحكم الوجوبي أو التّحريمي مظنّة للضّرر ، أنّ يكون (منها) أي : من الظّنون المشكوكة الاعتبار.
وعليه : فتحصّل إنّ جواب المصنّف عن الدّليل الأوّل هو : إنّ في مخالفة المجتهد لما ظنّه من الحكم الوجوبي أو التّحريمي ليس ظنّا بضرر العقاب وإن كان ظنّا بالحكم ، إذ لا تلازم بين الظّنّ بالحكم الّذي هو غير معتبر ، والظّنّ بالعقاب ، المترتّب على العلم أو العلمي.
(اللهم إلّا أنّ يقال) في تصحيح الصّغرى (انّ الحكم بعدم العقاب والثّواب ، فيما فرض من صورتي الجهل البسيط أو المركّب) جهلا (بالوجوب والحرمة ، إنّما هو) الحكم بعدم العقاب والثّواب (لحكم العقل بقبح التّكليف مع الشّكّ ، أو القطع بالعدم) أي : بعدم التّكليف.
والمراد من القطع بالعدم هو : الجهل المركّب ، بأنّ يكون جاهلا بالواقع ، وجاهلا بأنّه جاهل به.
(وأمّا مع الظّنّ بالواجب أو التّحريم ، فلا يستقل العقل بقبح المؤاخذة) لمن خالف ظنّه (ولا اجماع أيضا على أصالة البراءة في موضوع النّزاع) الّذي هو ظنّ المجتهد بحكم لم يعمل بظنّه ، فإنّه لا يجري فيه أصل البراءة عن الحكم حتّى