هذا الضّرر العظيم ، أعني التّشريع.
وإن أراد ثبوت الضّرر في العمل بها ، بمعنى إتيان ما ظنّ وجوبه حذرا من الوقوع في مضرّة ترك الواجب ، وترك ما ظنّ حرمته لذلك ، كما يقتضيه قاعدة دفع الضّرر ، فلا ريب في استقلال العقل وبداهة حكمه بعدم الضّرر في ذلك أصلا وإن كان ذلك
______________________________________________________
التّديّن به ونسبته إلى الشّارع ، فيه (هذا الضّرر العظيم ، أعني : التّشريع) إذ أي فرق في التّشريع بين : أنّ يعلم الانسان إنّ الشّارع نفاه ، أو أنّ لا يعلم إنّ الشّارع أثبته أو نفاه؟ فإنّ كليهما تشريع محرّم.
نعم ، لا إشكال في إنّ النّسبة إلى الشّارع بما نفاه صريحا ، تشريع أعظم وعقوبته أشدّ ، فإنّه إذا قال المولى : لا تفعل كذا ، ففعله ناسبا ذلك إلى المولى وإنّه هو الّذي أمره به ، كان هذا العبد أشدّ عقوبة ممّن إذا لم يعلم إنّ المولى قال : لا تفعل كذا ، أو لم يقل شيئا ، ففعله ناسبا فعله ذلك إلى المولى.
(وإن أراد) هذا القائل (ثبوت الضّرر في العمل بها) أي : بالظنون الّتي نفاها المولى ، كالظنون القياسيّة (بمعنى : إتيان) العبد (ما ظنّ وجوبه حذرا من الوقوع في مضرّة ترك الواجب) إذا تركه (وترك ما ظنّ حرمته لذلك) أي : حذرا من الوقوع في مضرّة ذلك الحرام إذا فعله (كما يقتضيه قاعدة دفع الضّرر).
فانّ هذه القاعدة تقول : إنّ كلّ شيء يحتمل الانسان وجود الضّرر فيه فعلا أو تركا ، فعليه أنّ يأتي به لو احتمل الضّرر في تركه ، وإن يتركه لو احتمل الضّرر في فعله.
(فلا ريب في استقلال العقل وبداهة حكمه) أي : حكم العقل (بعدم الضّرر في ذلك) من الإتيان بمحتمل اللزوم ، والتّرك لمحتمل المنع (أصلا وإن كان ذلك