لا يقال : إنّ هذه الأخبار ما سوى خبر عبد الأعلى والرواية الثانية كانت ظاهرة في بيان حكمة عدم جعل الحكم الحرجي رأسا لا رفع الحكم المجعول عن أفراده الحرجية كما هو المدعى فكيف يؤخذ الميزان عن موردها.
لأنا نقول : بعد استشهاد الإمام (عليهالسلام) في مقام الدفع والرفع كليهما بآية الحرج نعلم أنّ رفع الحرج في الآية أعم من الدفع والرفع ، لكنه وارد على موضوع واحد ، فإذا تعيّن مرتبة الموضوع في موارد الدفع يعلم أنّ ذلك مرتبة الموضوع في مورد الرفع أيضا ، هذا.
وهاهنا إشكالان أشار إليهما في العوائد (١) :
الأول : أنا نرى ثبوت التكاليف الكثيرة في الشريعة البالغة حدّ الحرج الذي استظهرنا من موارد الأخبار أنه ميزان حدّ الحرج المرفوع فيكشف ذلك عن بطلان ذلك الميزان.
الثاني : وقوع التكاليف الحرجية الصعبة غاية الصعوبة في الشريعة وعدم ارتفاعها كالتكليف بالصيام في الأيام الحارة الطويلة والحج والجهاد ونحوها.
وأجاب عن الثاني : بأنّ عموم أدلة رفع الحرج كسائر العمومات قابل للتخصيص يخصص بالمذكورات ، ولا يتوهم أنّه من تخصيص الأكثر لأنّ التكاليف الحرجية غير المجعولة نوعها أكثر من أن تحصى بعد ما عرفت أنّ عموم الآية شامل للدفع والرفع.
وعن الأول : تارة بالتزام التخصيص كالأول ، وأخرى بأنّ نفي الإمام (عليهالسلام) للحكم في بعض الأحاديث محتجا بكونه حرجا ليس
__________________
(١) عوائد الأيام : ١٨٧ ـ ١٩٤.