المختصان بصورة عدم الظن بالتكليف انتهى. ففي صورة الظن بالتكليف الذي لا تجري أدلة البراءة فيه يحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل لعدم العلم بالتدارك.
ثانيهما : أن يدعى على ما مرّ سابقا أنّ الضرر إذا كان عظيم الخطر كالعقاب بل مطلق المفاسد الاخروية وجملة من المضار الدنيوية يحكم العقل بوجوب دفع احتماله الموهوم فضلا عن المشكوك والمظنون منه ، فيلزم بحكم العقل الاحتياط التام في كل ما يحتمل فيه الحكم إلّا إذا قطع بالأمن من التضرر وتداركه على تقدير ارتكاب ما يقتضيه.
ويمكن أن يجاب عن الوجهين : بأنّ إطلاق أدلة البراءة والاستصحاب بناء على ثبوت حجية أخبار الآحاد التي تدل على الأصلين من غير جهة هذا الدليل وثبوت حجية ظواهرها بمثل بناء العقلاء يحكم بالأمن من الضرر في ارتكاب المحتمل ولو في صورة الظن بالحكم ، إلّا أن من لم تثبت عنده حجية الأخبار التي هي سند الأصلين ولا حكم العقل بهما أو لم تثبت عنده حجية الظواهر على تقدير حجية سند الأخبار ، فهو مأخوذ بالدليل بلزوم الاحتياط كما عرفت.
قوله : ثم إنّ مفاد هذا الدليل هو وجوب العمل بالظن إذا طابق الاحتياط (١).
(١) يعني إذا كان المظنون عدم الوجوب أو الحرمة أو كان المظنون خصوص الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة مثلا فلا يدل الدليل المذكور على اعتبار الظن ، إذ لا ضرر في ترك العمل به لا العقاب ولا المفسدة فيترتّب عليه.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٧٩.