والخطب الأعظم في
تحقيق موضوعه كما تعرّض له المحققون من أهل المعقول والأصوليين ، قالوا : إنّه
يعتبر في المتواتر أمور :
الأول : أن يبلغ
المخبرون في الكثرة حدا يمتنع كذبهم عادة ولو على سبيل السهو والخطأ ، ولا حصر
لأقل عدد يحصل به مسمى التواتر في علمنا ، بل المرجع فيه إلى العادة ، والأظهر أنّ
له حدا واقعيا لا نعلمه ، وإنما القدر المعلوم لنا أنّ خمسة وستّة مثلا لم يبلغ
عدد التواتر ، وخمسمائة مثلا بلغ حدّ التواتر ، ويبقى بين طرفي اليقين مراتب كثيرة
مشتبهة وكم له من نظير ، فإنّ جل المفاهيم أو كلها لها مصاديق متيقّنة وأفراد
مشتبهة في صدق المفهوم عليها حتى مفهوم الماء والأرض والجدار والشجر ونحوها من
المفاهيم الواضحة.
وأما حصر بعضهم
عدد التواتر في خمسة وبعضهم في اثني عشر وأخر في عشرين وأخر في أربعين وأخر في
سبعين وأخر في ثلاثمائة وثلاثة عشر كلها ضعيفة ، واستند كل منهم إلى وجوه ضعيفة
فاسدة لا يلتفت إليها ، كما أنّ من قال بأنّه يعتبر أن يكونوا عددا لا يمكن حصرهم
أيضا في غاية السقوط ، فالأولى
__________________