ذلك من جهة الكشف عن عدم ثبوت الحكم الذي دلّ عليه العقل أو عدم تنجّزه ، وممّا يوضح ذلك أنّ المسألتين لم تكونا ممتازتين في كلمات أصحابنا المتقدّمين (رحمهمالله) على ما هو الآن ، بل لم يكن لهما عنوان مستقل في كتبهم ، وإنّما توجد هذه الكلمات المنقولة في أبواب متفرقة لمناسبة بالمقام كما لا يخفى.
وكيف كان ، يفهم من قول المصنف (رحمهالله) لعل نظر هؤلاء إلى آخره ، أنّه التمس هذا الدليل عن قبلهم من عند نفسه ، وكذا من قوله بعيد ذلك : ومما يشير إلى ما ذكرنا من قبل هؤلاء ، ويفهم مما ذكره صاحب الفصول (رحمهالله) في مسألة الملازمة في عداد ما احتجّ به المنكرون للملازمة أنّ هذا الدليل أيضا أخذه من كلماتهم.
قوله : ووجه الاستشكال في تقديم النقلي على العقلي الفطري ـ إلى قوله ـ : مما يستفاد منه كون العقل السليم أيضا حجة من الحجج (١).
(١) لو فرض استفادة حجية العقلي الفطري من هذه الأخبار المتواترة فلا وجه للاستشكال ، بل يتعين تخصيص تلك الأخبار العامّة في عدم الاعتماد على ما لم يسمع من الحجة بها كما هو حكم العام والخاص مطلقا اتفاقا من الأخباري ، إلّا أنّ الشأن في هذه الاستفادة لأعمّية هذه الأخبار أيضا للعقل الفطري وغيره. نعم ، يمكن حملها عليه للجمع بين الأخبار إن كان له شاهد لهذا الجمع.
ثم إنّ هذا الكلام من المصنف ناظر إلى إصلاح تفصيل المحدّث البحراني ، ويمكن إصلاح تفصيل المحدّث الاسترابادي والسيد الجزائري أيضا بمثل ذلك
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٩.