ومنها : ما رواه محمد بن مسلم : عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : المشيئة محدثة (١) فانه قد صرح في هذه الرواية بأن المشيئة محدثة.
ولاحظ : ما افاده (٢) الكليني في جملة كلام له بقوله والارادة من صفات الفعل فتحصل : ان الارادة لا تكون من صفات النفس بل فعل من افعال النفس.
ثم ان القائلين بكون الارادة لا تكون تحت الاختيار وقعوا في شبهة الجبر وفي شبهة قبح عقاب العاصي اذ على هذا المسلك كيف يصح أن يعاقب العصاة بلحاظ عصيانهم والحال ان عصيانهم بدون الاختيار كما ان ترك الاطاعة منهم كذلك ، فاذا فرض ان زيدا ركب المحرمات ولم يأت بالواجبات كيف يصح عقابه واجيب عن هذا الاشكال باجوبة :
الأول : ما عن الأشعري بأن العقاب والثواب على كسب العبد واكتسابه لا على فعله استنادا الى قوله تعالى («الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ)(٣).
وفيه : انه ما المراد من الكسب فان كان المراد منه اختياره واعمال قدرته فهو مخالف لمبناه من عدم الاختيار للعبد وان أراد امرا آخر فهو مع كونه خلاف الواقع وخلاف الوجدان ننقل الكلام الى ذلك الأمر الآخر ونسأل بأنه اختياري او غير اختياري أما على الأول فهو خلاف مبناه ، وأما على الثاني فيرد الأشكال فيه بأنه كيف يعاقب العاصي على ما لا يكون اختياريا.
الثاني : ما عن الباقلاني وهو ان العقاب والثواب لأجل الاطاعة والعصيان وأما الفعل فهو مخلوق له تعالى.
ويرد عليه : ان الاطاعة والعصيان اما منتزعان من مطابقة المأمور به مع المأتي
__________________
(١) نفس المصدر ، ص ١١٠ ، الحديث : ٧
(٢) نفس المصدر ، ص ١١١
(٣) غافر / ١٧