ومما ذكر يظهر ان المكلف لو أتى بالطهارات الثلاث قبل وقت الواجب كما لو توضأ قبل الظهر للتوسل بها الى الصلاة تكون صحيحة اذ المفروض تحقق قصد القربة ومع تحققه لا وجه لعدم صحتها فلاحظ.
ثم ان وجوب المقدمة على القول به تابع في الاطلاق والاشتراط لوجوب ذيها فان كان وجوب ذيها مطلقا يكون وجوبها كذلك وان كان مشروطا فوجوبها كذلك ايضا ، والوجه فيه ظاهر اذ القائل بالوجوب يرى ان العقل يحكم بكون المقدمة واجبة عند وجوب ذيها ويرى الملازمة بين الوجوبين ، وان شئت قلت : ان العقل يدرك تبعية المقدمة لذيها فى الوجوب والعدم فيلزم أن تكون تابعة له في الاطلاق والاشتراط ، اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان القائلين بوجوب المقدمة اختلفوا وذهبوا الى الأقوال المختلفة :
القول الاول : ما ذهب اليه صاحب المعالم قدسسره وهو ان المقدمة انما تجب فيما يكون المكلف مريدا لاتيان ذي المقدمة.
ويرد عليه : انه لو لم يكن المكلف مريدا لاتيان ذي المقدمة ، فاما لا تكون المقدمة واجبة واما لا يكون الواجب واجبا وكلا الامرين باطلان اذ على فرض عدم وجوب المقدمة يلزم الانفكاك بين الوجوبين وقد تقدم التلازم بين الأمرين وعلى الثاني ، اي على فرض عدم كون الواجب واجبا يلزم أن يكون وجوب الواجب متوقفا على ارادة المكلف وهذا أمر غير معقول فان ايجاب المولى يكون داعيا للارادة لا ان الارادة تكون داعية للايجاب وان شئت قلت : مرجع هذا الاشتراط الى تحصيل الحاصل مضافا الى أن الاشتراط المذكور مقطوع الفساد.
القول الثاني : ما نسب الى الشيخ الاعظم الانصاري قدسسره وهو : ان الواجب خصوص المقدمة التي يقصد بها التوسل الى الواجب.
ويرد عليه : ان الملاك في وجوب المقدمة على القول بوجوبها التمكن من