له والنسك له أعظم من الاستعانة باسمه فى فواتح الأمور ، فكذلك الشرك بالصلاة لغيره ، والنسك لغيره أعظم من الاستعانة باسم غيره فى فواتح الأمور ، فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح أو الزهرة ، فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو الزهرة أو قصد به ذلك أولى ، فإن العبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستعانة بغير الله ، كما قد يفعله طائفة من منافقى هذه الأمة الذين قد يتقربون إلى الكواكب بالذبح والنجوم ونحو ذلك وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال ، لكن يجتمع فى الذبيحة مانعان. ومن هذا الباب ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن ، ولهذا روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن ذبائح الجن (١) (٢) اه
أما ما نقل عن الإمام أحمد عند ما سئل عمن ذبح للزهرة فقال : لا يعجبنى فيجب أن يعلم أن بعض الأئمة يطلقون لفظ الكراهة على سبيل التحريم ـ بعض الأحيان ـ وزيادة فى الإيضاح أنقل ما ذكره ابن القيم إذ يقول :
وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك حيث تورع الأئمة على إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة ، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مئونته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه ، وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى وهذا كثير جدا فى تصرفاتهم ، فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة ، وقد قال الإمام أحمد فى الجمع بين الأختين بملك اليمين : أكرهه ، ولا
__________________
(١) قال الشيخ سليمان بن عبد الله (ت ١٢٣٣ ه) هذا الحديث رواه البيهقى عن الزهرى مرسلا وفى إسناده عمر بن هارون ، وهو ضعيف عند الجمهور إلا أن أحمد بن سيار روى عن قتيبة أنه كان يوثقه ، ورواه ابن حبان فى الضعفاء من وجه آخر عن عبد الله بن أذينة عن ثور بن يزيد ، عن الزهرى ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبى هريرة مرفوعا.
قال ابن حبان : وعبد الله يروى عن ثور ما ليس من حديثه.
قال الزمخشرى : كانوا إذا اشتروا دارا أو بنوها أو استخرجوا عينا ذبحوا ذبيحة خوفا أن تصيبهم الجن فأضيفت الذبائح إليهم. اه. تيسير العزيز الحميد ص : ١٩١.
(٢) نقلا من المصدر السابق ص : ١٩٠ ـ ١٩١. وقد كان المرجع فى هذه المسألة لتفصيله إياها ، وكلام شيخ الإسلام فى اقتضاء الصراط المستقيم ص : ٢٥٩. وراجع من ص : ٢٥١ ـ ٢٦١ ففيه بحث جيد حول بعض جوانب هذه المسألة.