وفى رواية أبى الحارث الصائغ قال فى الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم : تكون الجمعة مع من غلب. واحتج بأن ابن عمر صلى بأهل المدينة فى زمن الحرة. وقال : «نحن مع من غلب (١)».
يقول النووى رحمهالله : «أما الطريق الثالث فهو القهر والاستيلاء ، فإذا مات الإمام فتصدى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلاف ولا بيعة ، وقهر الناس بشوكته وجنوده ، انعقدت خلافته ، لينتظم شمل المسلمين ، فإن لم يكن جامعا للشرائط ، بأن كان فاسقا أو جاهلا فوجهان أصحهما انعقادها لما ذكرناه وإن كان عاصيا بفعله» (٢).
وقال ابن بطال : وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء (٣) اه
قلت : فإذا كان هذا هو موقف علماء الأمة ممن ولى أمر المسلمين بالقهر والغلبة فكيف بمن كانت ولايته بالاختيار أو الاستخلاف. ومن هنا يتضح لنا حرص أهل السنة والجماعة على وحدة المسلمين وحقن دمائهم وصيانتهم. والإمام أحمد يشدد على طاعة ولاة الأمر والصبر عليهم فى سبيل هذا الهدف.
وبعد أن أوضحت ما يدل على وجوب نصب إمام للمسلمين ، وكذا طرق انعقاد الإمامة أعود إلى ما عنونت له وهو : طاعة ولاة الأمر.
ولما لهذا الأمر من أهمية فالواجب معرفة بعض الحقوق التى يتوجب على الإمام القيام بها ، ومن المعلوم أن ولاية المسلمين أمانة عظمى لا يستطيع القيام بها إلا من كان على درجة تؤهله لحملها. ومن أدى هذه الأمانة بنية خالصة دخل في
__________________
(١) الأحكام السلطانية لأبى يعلى ص ٢٣.
(٢) روضة الطالبين ١٠ / ٤٦.
(٣) فتح البارى ١٣ / ٧.