الأنصاري التصرّف في النخلة ، بل الضرر من ناحية كيفيّة تصرّف المالك ، والحال أنّ جواز تصرّف الأنصاري بالقلع والرمي معلّل بقوله : «لا ضرر» ، أي الأمر السلبي لا الأمر الإيجابي المستلزم للضرر.
ثمّ أجاب عنه بأنّ انحلال القاعدة إلى الأمرين الإيجابي والسلبي يكون بالتحليل العقلي ، ومع قطع النظر عنه لا تركيب فيها ، وحينئذ فيصحّ القول بحكومة قاعدة لا ضرر على قاعدة السلطنة وجعلها تعليلا للقلع والرمي ، إلّا أنّ مقتضى الدقّة والتأمّل أنّ الضرر والدخول بدون الاستئذان ناش من حقّ إبقاء النخلة في مكانها ومتفرّع عليه ، وسلب هذا الحقّ معلّل بقوله : «لا ضرر» ، والضرر مستند إلى علّة العلل ، وهو نظير تفرّع وجوب المقدّمة على ذيها ، فإذا كانت المقدّمة ضرريّة يكون نفي وجوبها بقوله : «لا ضرر» مستلزما لنفي وجوب ذيها ؛ لامتناع التفكيك بينهما عقلا مع حفظ المقدّميّة على القول بوجوب المقدّمة إلّا أن نقول بعدم المقدّميّة في حال الضرر.
ثمّ قال : يمكن أن يقال : إنّ اللزوم في المعاملة الغبنيّة متفرّع على الصحّة مع أنّ المنفى بقوله : «لا ضرر» هو اللزوم فقط لا الصحّة ، فلا فرق بينه وبين ما نحن فيه.
وأجاب عنه : أنّ مجرّد التفرّع لا يكفي للاستناد ، بل اللازم هو التفرّع مع العلّيّة بين المتفرّع والمتفرّع عليه ، مثل علّيّة حقّ الإبقاء لجواز الدخول بلا استيذان ، وعلّيّة وجوب ذي المقدّمة لوجوب المقدّمة ، ولا تتحقّق العلّيّة بين صحّة المعاملة ولزومها ، وإلّا يلزم عدم تحقّق المعاملة الجائزة أصلا ، وهو كما ترى ، فلا مانع من نفي حقّ الإبقاء بعنوان علّة العلل للضرر باستناد قوله : «لا ضرر ولا ضرار» (١). هذا تمام كلامه مع توضيح وتصرّف.
__________________
(١) قاعدة لا ضرر دروس الفقيه العظيم النائيني : ١٤٣.