ولكنّ التحقيق : أنّ وجوب الفحص لا يكون وجوبا مقدّميّا ؛ إذ المقدّمة عبارة عن مقدّمة الوجود ـ كما مرّ في بحث مقدّمة الواجب ـ يعني وجود ذي المقدّمة متقوّم على وجودها ، وبدون تحقّقها لا يتحقّق ذي المقدّمة ، وهذا المعنى لا يتحقق في مسألة الفحص بالنسبة إلى الواجب المحتمل ؛ إذ يمكن الإتيان بالواجب المحتمل بدون الفحص احتياطا ، فلا يرتبط وجوب الفحص بمسألة وجوب المقدّمة ، بل هو من الأحكام اللزوميّة العقليّة ، ولا فرق بنظر العقل بين الواجبات المطلقة والمشروطة من حيث وجوب الفحص ، وقد مرّ في باب مقدّمة الواجب أنّ البحث في وجوب المقدّمة هو الوجوب الشرعي وإن كانت الملازمة بين المقدّمة وذيها عقليّة.
مضافا إلى أنّه لو فرض كون وجوب الفحص وجوبا غيريّا مقدميّا فإنّ تلقّي توقّف وجوب المقدّمة على وجوب ذيها بعنوان الأصل المسلّم باطل عقلا ، كما مرّ في محلّه ، فإنّ المولى إذا قال لعبده : يجب عليك أن تكون على السطح في الليل ، وعلم العبد بأنّه غير مقدور له تحصيل السلّم في الليل ، فلا شكّ في حكم العقل هنا بوجوب تحصيل السلّم قبل الليل ، ولا يعدّه معذورا في مخالفة المولى ؛ لعدم القدرة على تحصيله في الليل ، فكما أنّ العقل يحكم بوجوب تحصيل بعض المقدّمات المحرزة قبل وجوب المقدّمة ، كذلك يحكم بوجوب الفحص على فرض مقدّميّته إذا كان ترك الفحص مؤدّيا إلى ترك الواجب المشروط المحتمل في ظرف وجوبه ، كما لا يخفى.
الواجب التهيّئي
التزم المقدّس الاردبيلي رحمهالله وتلميذه صاحب المدارك رحمهالله للتّخلّص عن الإشكال بأنّه لا مانع من كون وجوب الفحص وجوبا نفسيّا تهيّئيّا في