وثانيا : سلّمنا عدم حجّيّة لوازم مفاد الأصل العملي بمعنى عدم ترتّب اللوازم العقليّة على أصالة التخيير بعنوان الأصل العملي ، ولكن لا دخل لنا باللوازم وملازماته ، بل نتعبّد بطرفي التخيير ومخيّر فيه ، وهو الأخذ بهذا الخبر بتمام مفاده من المطابقي والالتزامي وغيرهما ، وعدم طريقيّته لا يمنع من التعبّد بالتخيير ، وإلّا يمنع من حجّيته في المدلول المطابقي أيضا ؛ إذ التعارض يقع أوّلا وبالذات في المدلول المطابقي.
فالتخيير هنا أصل عملي ومثبتاته ليست بحجّة ، ولكن لا يسري هذا إلى الخبر الذي اخذ بعنوان طرفي التخيير ، كأنّه قال الشارع : «أنت مخيّر في الأخذ بهذا الخبر في تمام مداليله والأخذ بذاك الخبر في تمام مداليله» ، وليس معناه حجّيّة مثبتات الاصول ، ولا يمكن القول بأنّه لا يمكن للشارع التعدّي من المدلول المطابقي كما لا يخفى ، فهذا الوجه أقرب عندنا.
التنبيه الثاني : في اختصاص التخيير بالمفتي وعدمه
بعد ما عرفت من كون التخيير الذي يدلّ عليه أخباره هو التخيير في المسألة الاصوليّة ، فهل يجوز للمجتهد الفتوى بالتخيير في المسألة الفرعيّة الراجعة إلى كون المقلّد مخيّرا في مقام العمل ، أم التخيير ينحصر بالمجتهد ويجب عليه الأخذ بمضمون أحد الخبرين والفتوى على طبقه ، بعد ما علم أن جريان الاصول في الشبهات الموضوعيّة لا ينحصر بالمجتهد ، بل يجوز للمقلّد أيضا إجراؤها؟
وأمّا في إجرائها في الشبهات الحكميّة فوجهان :
قد يقال : بانحصار الخطابات الواردة في المسائل الاصوليّة بخصوص المجتهد ؛ نظرا إلى أنّه هو الذي يتحقّق عند موضوع تلك الخطابات ؛ لأنّه هو