الاستدلال بقوله : «لا ضرر ولا ضرار» والاستفادة منه في المقام باق بحاله وإن لم يمكن لنا حلّ الإشكال فرضا.
ولكنّه ليس بصحيح ، فإنّ خروج مورد التعليل عن الحكم العامّ المعلّل أمر مستهجن.
وهذا يهدينا إلى الالتزام بالمعنى الذي كان قابلا للانطباق على مورد العلّة ، فإن كان «لا ضرر» حكما إلهيّا لا مجال لدفع الإشكال ؛ لعدم الفرق في الأحكام الإلهيّة بين رسول الله صلىاللهعليهوآله وغيره وإن كان حكما حكومتيّا صادرا عنه صلىاللهعليهوآله ـ كما هو التحقيق ـ فلا معنى لشموله للحاكم بما أنّه حاكم ، فكما أنّ الأحكام الإلهيّة لا يتصوّر شمولها لله تعالى ، كذلك الأحكام الحكومتيّة لا يتصوّر شمولها للحكم الصادر عن الحاكم بهذا العنوان ، فالأمر بالقلع والرمي وإن كان ضررا على سمرة بن جندب ولكن لا يشمله عموم التعليل.
وأجاب المحقّق النائيني رحمهالله عن الإشكال : أوّلا : بأنّ قوله : «لا ضرر ولا ضرار» لا يكون علّة لقوله : «اقلعها وارم بها إليه» ، بل يكون علّة لقوله : «إذا أردت الدخول فاستأذن» ، وعلّة أمره صلىاللهعليهوآله بالقلع والرمي أنّه بمقتضى الولاية العامّة على المسلمين ألغى قاعدة : «النّاس مسلّطون على أموالهم» ، وكأنّه قال : لا سلطنة له على ماله (١).
هذا ، ولكنّه خلاف الظاهر بعد فصل الجملات المتعدّدة بين القولين ، وكون المخاطب في الأوّل سمرة بن جندب ، وفي الثاني الأنصاري ، وذكر قوله : «لا ضرر» عقيب قوله : «اقلعها وارم بها إليه» ومتن الحديث : أنّه «فلمّا تأبّى جاء الأنصاري إلى رسول الله فشكى إليه ، فخبّره الخبر ، فأرسل إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) قاعدة لا ضرر دروس الفقيه العظيم النائيني : ١٤٢.