الخبر ، فكذلك الأمر بأخذ أحد الخبرين مع التكافؤ ، فإنّه ليس أيضا حكما آخر ناظرا إلى جعل الطريقيّة وجعل حكم ظاهري ، كما هو واضح» (١).
ويرد عليه : أنّ تخطئة حكم العقلاء وإن كان بمكان من الإمكان ، ولكن لا مجال لتخطئة حكم العقل ، وقد عرفت أنّ التساقط مقتضى حكم العقل أيضا ، وعليه فيبقى الإشكال بحاله ، بأنّ العقل إذا حكم بالتساقط في الخبرين المتعارضين فكيف يمكن الحكم بالتخيير في ضمن روايات التخيير مع تصرّفه في الآيات القرآنيّة بعنوان قرينة متّصلة ، وتقدّم الدليل العقلي القطعي على الدليل التعبدي؟ فبعد اعترافه رحمهالله هناك بأنّ مقتضى القاعدة بنظر العقل هو التساقط لا يمكن التعبّد بخلافه.
والتحقيق : الالتزام بالقول الأوّل من الأقوال الثلاثة من كون التخيير في الخبرين المتعارضين المتكافئين أصلا عمليّا شرعيّا مثل سائر الاصول العمليّة الشرعيّة في قبال أصالة التخيير العقليّة الجارية في دوران الأمر بين المحذورين.
ولا منافاة بينه وبين حكم العقل بتساقط الخبرين وعدم صلاحيتهما للطريقيّة والأماريّة للتعارض ، ففي صورة فقدان الطريق والتحيّر حكم الشارع بالتخيير بينهما بعنوان الأصل العملي ، وبهذا المعنى ينطبق ما في قوله عليهالسلام : «ما لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت».
فإن قيل : إنّ لازم ذلك الأخذ بمدلول مطابقي ما اخذ من الخبرين دون اللوازم والملازمات.
وجوابه ؛ أوّلا : أنّه لا مانع من الالتزام بذلك.
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ٣٩٢.