فرض التعارض وعدم إمكان الاجتماع ؛ إذ لو لم يكن مستحيلا لما حكم العقل بالتساقط ، كما هو واضح.
وإن كان المراد الطريقيّة لأحد الخبرين بالخصوص ، فمضافا إلى أنّه لا مرجّح في البين ، مناف لمقتضى الأدلّة ، حيث إنّها تدلّ على التخيير لا الأخذ بخصوص واحد منهما ، وإن كان المراد جعلها لأحدهما غير المعيّن فمن الواضح أنّ أحدهما لا على سبيل التعيين ليس شيئا وراء كلا الخبرين ؛ إذ ليس هنا أمر آخر في البين ، وقد عرفت استحالة جعل الطريقيّة لكليهما أو واحد معيّن منهما.
هذا ، وكان لاستاذنا السيّد الإمام رحمهالله طريق آخر في المسألة ، وهو قوله : «والتحقيق في المقام أن يقال : إنّ الحكم بالتخيير في المتعارضين ليس حكما ثانويا وراء الحكم بحجّيّة كلّ واحد من الخبرين إمضاء لحكم العقلاء وبنائهم على العمل بخبر الواحد ، غاية الأمر أنّ مرجعه إلى تخطئه العقلاء في حكمهم بالتساقط مع التعارض ، ومرجعه إلى أنّه كما كان الواجب عليكم الأخذ بالخبر والتعبّد بمضمونه وجعله حجّة وطريقا إلى الواقع مع عدم التعارض مع الخبر الآخر ، كذلك يجب عليكم في مقام التعارض أيضا الأخذ ، غاية الأمر أنّه حيث لا يكون ترجيح في البين يتخيّر المكلّف في الأخذ بكلّ واحد منهما ، فهذا الأخذ لا يكون مغايرا للأخذ بالخبر مع عدم المعارضة أصلا ، وحينئذ لا فرق بينهما من جهة حجّيّة اللوازم والملزومات.
ثمّ ذكر تنظيرا بعنوان الدليل وقال : والدليل على ما ذكرنا أنّ الظاهر عدم الفرق فيما يرجع إلى معنى الأخذ بين المتكافئين والمتعارضين مع ثبوت المزيّة لأحدهما ، فكما أنّ الأمر بأخذ ذي المزيّة ليس حكما آخر وراء الحكم بحجّيّة