وثانيا : أنّ أخبار التوقّف ناظرة في النهي عن العمل بشيء منهما إمّا بالظهور وإمّا بالصراحة ، مثل : قوله عليهالسلام في مقبولة عمر بن حنظلة : «فارجئه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ التوقّف في الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات» (١). ونحو ذلك من الروايات ، ويظهر هذا المعنى بمراجعتها.
هناك وجوه أخر للجمع ، مثل : حمل أخبار التخيير على العبادات وأخبار الإرجاء والوقوف على المعاملات.
أو حمل أخبار التخيير على حقوق الله وأخبار التوقّف على حقوق الناس ، واستشهد لذلك بورود المقبولة في مورد الاختلاف في دين أو ميراث ، ولازم ذلك الالتزام باختصاص المرجّحات المذكورة فيها أيضا بباب حقوق الناس ، مع أنّه لا يتفوّه به أحد.
أو حمل أخبار التخيير على التعارض بنحو التناقض وأخبار التوقّف على غيره ـ أي فيما تحقّق طريق ثالث ـ وهذا يناسب قوله عليهالسلام : «لا تعمل بواحد منهما» في مورد اخبار التوقّف أو حمل أخبار التخيير على المستحبّات والمكروهات وحمل أخبار التوقّف على الواجبات والمحرّمات ، وذكر أكثر هذه الوجوه العلّامة المجلسي رحمهالله في كتاب مرآة العقول(٢).
ولكنّ التحقيق يقتضي الالتزام بما ذكره استاذنا السيّد الأعظم رحمهالله في مقام الجمع هنا ، وهو أنّ أدلّة التخيير صريحة في جواز الأخذ بكلّ من الخبرين ، فإنّ قوله عليهالسلام : «فموسّع عليك بأيّهما أخذت» (٣) صريح في التوسعة وجواز الأخذ بكلّ منهما ، وأمّا أخبار التوقّف فليس فيها ما كان نصّا في ذلك ،
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٧٥ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.
(٢) مرآة العقول ١ : ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٣) الوسائل ١٨ : ٨٧ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.