كمال الرضا بخروجه حتى لا يشغل ملكه واستراح من ظلمه فبعد كونه راضيا لم يكن الخروج تصرّفا بلا رضا مالكه حتى يكون منهيا عنه.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا الكلام لم يكن بسديد ، حيث إنّ المالك ولو كان راضيا بخروجه إلّا أنّه حيث رأى أنّ الغاصب لو لم يخرج عن ملكه يتصرف في ملكه الذي منه التصرف الخروجي ، فمن أجل اللابدية والاضطرار لم يكن كارها عن خروجه ، وإلّا ففي حدّ نفسه لم يكن من هذا التصرّف راض أيضا ولأجل هذا قالوا بعدم صحّة بيع المكره.
مع أنّ المكره يكون راضيا بالبيع لدفع شيء آخر ، فإذا كان مكرها بالبيع مثل إنّه إن لم يبع يقتله الظالم فمن أجل دفع الأفسد راض بالفاسد ، ولكن مع هذا قالوا بفساد بيعه ، والحال أنّهم قالوا بصحّة بيع المضطر ، فكلّ ما تقول في بيع المكره نقول في المقام.
والحاصل أنّ الإشكال هو عين الإشكال في بيع المكره. فعلى هذا هذا الكلام ليس في محلّه.
ثم إنّه من قال بكون الخروج مأمورا به إمّا أن يقول بكونه مقدمة لترك غصب الزائد ، وإمّا أن يقول بكون الخروج واجبا نفسيا ، وكلّ منهما لم يكن صحيحا. وأمّا بيان كون الخروج واجبا بالوجوب المقدمي فغاية ما يمكن أن يقال في توجيهه هو أن يقال بعد ما كان البقاء منهيا عنه يكون الخروج مقدمة ترك البقاء. فعلى هذا يكون الخروج واجبا ؛ لأنّ ما يتوقّف عليه الواجب يكون واجبا أو بأن يقال بعد ما كان التخلص من الغصب واجبا فيكون الخروج مقدمة للتخلّص فيكون واجبا ، فافهم.
ولكن لا يخفى عليك فساد هذا المقال حيث إنّه يمكن أن يقال بأنّ البقاء ولو كان منهيا عنه فعلا إلّا أنّه مضى في بحث الأمر بالشيء أنّ ترك الضدّ لم يكن مقدمة لفعل ضدّه فكيف يكون فعل الضدّ مقدمة ترك ضدّه؟! مع أنّه لو كان ترك الضدّ مقدمة