تتوهّم أنّ حمل النهي على الإرشاد يكون في مورد يكون له البدل.
وأمّا في هذا القسم فلم يكن له بدل فلا يمكن أن يكون إرشادا بأقلّية الثواب لأنّا نقول : لا يلزم أن يكون الإرشاد بأقلية الثواب ، بل يمكن أن يكون إرشادا بالمفسدة التي تكون فيه ، فعلى هذا يرفع الإشكال في القسم الأوّل وكذا الثاني والثالث ولا يلزم تطويل الكلام في ذلك ولو أبسط البيان في ذلك استادنا المعظّم مدّ ظلّه.
وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : أنّه إذا اضطرّ الشخص لارتكاب الحرام كالتصرف في الدار الغصبي فيكون له صورتان ، فتارة يكون الاضطرار بسوء اختياره ، وتارة يكون لا بسوء اختياره ، وأمّا في الصورة الثانية فلا إشكال في عدم النهي عنه ولا كونه مبغوضا لأجل الاضطرار قهرا لارتكاب المحرّم. وأمّا في الصورة الاولى فقد اختلفوا فيه ، فبعض قال بكونه منهيا عنه ومأمورا به كما يظهر من كلام صاحب الفصول رحمهالله ، وبعض قال بكونه منهيا عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار اليه وعصيانه له بسوء الاختيار ، وهذا مبنى المحقّق الخراساني رحمهالله وقال بعض بكونه مأمورا به كما يظهر من تقريرات شيخنا الأنصاري أعلى الله مقامه.
ولا يخفى أنّ هذا النزاع يكون على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي. وأمّا على القول بالجواز فيظهر من كلام أبي هاشم أنّه يكون مأمورا به ومنهيا عنه كما اختار هذا القول المحقّق القمّي رحمهالله.
ثم اعلم أنّه لا إشكال في أنّه من اضطر الى ارتكاب الحرام ولو كان بسوء اختياره كمن دخل في الدار المغصوبة بسوء اختياره فلا إشكال في أنّ الخروج لم يكن في حال الاضطرار منهيا عنه ، بمعنى أنّ في هذا الحال لم يكن نهيه فعليا ، ولكن يقع الكلام في أنّه هل يكون الخروج منهيا عنه بالنهي السابق ، أو يكون مأمورا به؟ فنقول : قال بعض بأنّ الخروج من المكان المغصوب لم يكن بحرام ؛ لأنّ المالك راض