الكلام هو إثبات التخيير الشرعي لا التخيير العقلي.
وما يمكن أن يقال في توجيه التخيير الشرعي هو ما نقول من أنّ للمولى غرضين مستقلّين ويكون الفردان محصّلين للغرضين : أحدهما محصّل لغرض والآخر محصل لغرض آخر ، فيقتضي الغرضان ايجاب محصّلهما ، ومصلحة التسهيل والارفاق مثلا كانت موجبة لعدم حصول أحد الغرضين فيصير الفردان واجبين لما كان الغرضان يقتضي الايجاب في حدّ ذاته ولكن لأجل التسهيل والارفاق لا يلزم تحصيل أحد الغرضين ، فيصير كلّ واحد منهما واجبا لكن يمكن عدم إتيان أحدهما لو أتى بالآخر من أجل التسهيل ، وهذا معنى كون الفردين واجبا تخييريا بمعنى جواز ترك أحدهما الى البدل.
والفرق بين ما قلنا وما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله هو أنّه يكون التخيير هنا شرعيا حيث إنّ الشارع بمقتضى التسهيل جعل المكلّف مخيّرا بينهما وأنّه على ما قاله المحقّق المذكور رحمهالله يترتّب الثواب على فعل أحدهما فقط ، وأمّا على ما قلنا يترتّب الثواب بفعل الفردين ، فلو أتى بأحد الفردين يوجب الثواب ولو أتى بفرد آخر يكون موجبا للثواب أيضا ، فظهر لك أنّ التخيير يكون شرعيا ، إذ المفروض أنّ مصلحة التسهيل والارفاق تكون مقتضية لعدم إتيان كل من الفردين.
أو تقول بأنّ الغرض يكون واحدا لكن يطلب هذا الغرض في ضمن الفردين على البدل ، بمعنى أنّ المولى جعل المكلّف مخيّرا في تحصيل الغرض في ضمن هذين الفردين أو الأفراد فيكون المكلّف مخيّرا بين الإتيان بأحدهما ، فعلى هذا في هذه الصورة أيضا يكون التخيير تخييرا شرعيا. فعلى هذا لا بدّ أن يكون في كلتا الصورتين وجوب الفردين أو الأفراد وجوبا تخييريا حيث إنّ الشارع جعله مخيّرا بين الفردين ويكون الفرد واجبا تخييريا بمعنى جواز تركه الى بدل وعدم جواز تركهما رأسا.