حيث إنّه قلنا لك سابقا أيضا في الصحيح والأعم أنّ ما قالوا من أنّ الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد واجتماع العلّتين على المعلول الواحد لا يمكن ، حيث إنّه تلزم السنخية بين العلّة والمعلول يكون في الامور الحقيقية والواقعية ، ولا يجري هذا الكلام في الامور الاعتبارية ، حيث إنّ الامور الاعتبارية تكون تابعة لاعتبار المعتبر ولا يلزم فيه إلّا الاعتبار.
فعلى هذا يمكن أن يكون الشيئان المتباينان بما هما موردا لغرض واحد مع عدم كون جامع بينهما ولا سنخية بينهما أصلا ومع قطع النظر عمّا قلنا في جوابه نقول بأنّه على ما قاله يكون التخيير عقليا كما اعترف به ، والمفروض أنّا في هذا المقام نكون بصدد تصوير التخيير الشرعي وأنّ الشارع خيّر المكلف بين الفردين ، وما فرضه المحقق المذكور يكون تخييرا عقليا ؛ لأنّ العقل يحكم بعد ما يرى من حصول الغرض في ضمن الفردين بالتخيير بينهما.
ثم إنّه قال بعد ذلك : (وإن كان بملاك أنّه يكون في كلّ واحد منهما غرض لا يكاد يحصل مع حصول الغرض في الآخر بإتيانه كان كلّ واحد واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته من عدم جواز تركه إلّا الى آخر وترتّب الثواب على فعل واحد منهما والعقاب على تركهما).
لا يخفى أنّ هذا الفرض يصير من باب التزاحم حيث إنّ حصول الغرض بأحدهما موقوف على عدم حصول الغرض بالآخر ، فعلى هذا كلّ منهما مزاحم مع الآخر ، غاية الأمر لا يكون التزاحم في الملاك ، بل في الأمر وإذا صار المورد من باب التزاحم لا بدّ أن يكون التخيير بين الفردين تخييرا عقليا ، حيث إنّ العقل يحكم بالتخيير بينهما ولزوم حصول الغرض في ضمن الفردين مخيرا ، ولو فرضنا أنّ المولى يخيّر العبد أيضا بين الفردين يكون أيضا إرشادا بحكم العقل فيكون أمره ارشاديا لا مولويا. فعلى هذا بعد كون التخيير عقليا يرد ما قلنا في الصورة الاولى من أنّ محل