الأوّل : أنّه بعد ما ذكر ما قاله صاحب الفصول في جواب السيد الشريف على فرض مصداق الشيء أو أخذه في المشتق بأنّه لا يلزم انقلاب مادة الامكان بالضرورة ، لأنّ المحمول ليس مصداق الشيء والذات مطلقا ، بل يكون المحمول مصداق الشيء مقيّدا بالوصف ، وليس ثبوت المحمول إذا كان مقيّدا بالوصف للموضوع ضروريا.
قال المحقّق المذكور : يمكن أن يقال : إنّ عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضرّ بدعوى الانقلاب ، فإن كان المحمول ذات القيد وكان القيد خارجا وإن كان التقيّد داخلا كما هو المعنى الحرفي فالقضية لا محالة تكون ضرورية.
أمّا هذا الكلام فليس بسديد ، إذ حيث كان القيد خارجا والتقيد داخلا ـ أي صرف النسبة ـ لا يمكن ، إذ النسبة محتاجة الى الطرفين وأنّه معنى حرفي ، فاذا كان محتاجا الى الطرفين يلزم لا محالة أن يكون القيد أيضا داخلا ، لأنّ القيد أحد طرفي النسبة.
ثم قال : وإن كان القيديّة بما هو مقيد على أن يكون القيد داخلا فقضية «الإنسان ناطق» تنحلّ الى قضيّتين : احدى القضيتين «الانسان إنسان» وهي ضروريّة ، والاخرى قضيّة «الإنسان له النطق» وهي ممكنة.
أقول : التحقيق في وضوح بطلان ما قاله المحقّق الخراساني يحتاج الى مقدمة وهي أنّ الانحلال يتصوّر على ثلاثة أقسام :
الأول : أن يكون مثلا في قضية «الإنسان ضاحك قائم» الإنسان هو المبتدأ ، والضاحك خبره ، والقائم خبر بعد الخبر.
الثاني : أن يكون الانسان مبتدأ ، والضاحك مبتدأ ثان ، والقائم خبر لضاحك ، وجملة ضاحك قائم تكون خبرا للإنسان.
والثالث : ـ وهو مراد المحقّق الخراسانى رحمهالله ـ : أن يكون الانسان هو المبتدأ