الثامن : قوله تعالى بطريق العتاب في أسارى بدر وقد أطلقهم : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)(١) فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب لما نجا منه إلّا عمر (٢) ، لأنّه كان قد أشار بقتلهم.
وفيه نظر ، لاستلزامه التخطئة له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو محال على ما بيّناه ، فلا يكون ذلك بطريق العتاب له ؛ ويلزم أن يكون عمر أفضل منه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث حكم بالخلاص له دونه ، وهو باطل بالإجماع. فإذن الوجه أنّه كان مخيرا (٣) بالوحي بين قتل الكلّ وإطلاق الكلّ أو فداء الكلّ ، فأشار بعض الأصحاب بإطلاق (٤) البعض دون البعض ، فنزل العتاب لذلك البعض لا له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبهذا جاء بصيغة الجمع في قوله : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا)(٥) ومعلوم أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن كذلك.
التاسع : قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)(٦) عاتبه على ذلك ونسبه إلى الخطأ. وهو لا يكون فيما حكم فيه بالوحي فلم يبق سوى الاجتهاد.
__________________
(١) الأنفال : ٦٧.
(٢) الإحكام : ٤ / ١٧٣. ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية. راجع تعليق التنكابني على الرواية في كتابه سفينة النجاة : ٢٨٤.
(٣) في «أ» و «ج» : مخبرا.
(٤) في «د» : بفداء.
(٥) الأنفال : ٦٧.
(٦) التوبة : ٤٣.